1:03 AM استثمارات الطاقة الخضراء في البلدان العربية | |
بلغت استثمارات الطاقة المتجددة حول العالم العام 2010 رقماً قياسياً هو 211 بليون دولار. وباتت الصين الأولى عالمياً في الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع، فيما تعتبر ألمانيا الأولى في نظم الطاقة الشمسية على السطوح. هذا المقال يسلط الضوء على الوضع في المنطقة العربية استناداً إلى تقرير «الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغير»، الذي يصدر الشهر المقبل عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية تحظى المنطقة العربية بموارد طاقة متجددة ضخمة، رصدها تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) لسنة 2011 الذي يصدر في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل وعنوانه «الاقتصاد الأخضر في عالم عربي متغير»، وجاء فيه أن لدى المنطقة العربية قدرة كهرمائية مركبة تبلغ نحو 10,7 ميغاواط، وتوجد محطات كهرمائية كبيرة في مصر والعراق، ومحطات صغيرة في الجزائر والأردن ولبنان وموريتانيا والمغرب والسودان وسورية وتونس. وقد بلغ إنتاج الكهرباء المائية العام 2008 ما يعادل 21 تيراواط ساعة. وتم تسجيل معدل سرعة رياح مقداره 8 ـ 11 متراً بالثانية في خليج السويس في مصر، و5 ـ 7 أمتار بالثانية في الأردن، ما يجعل هذين الموقعين مناسبين لتوليد الكهرباء من الرياح. وتم تركيب وحدات طاقة رياح موصولة بالشبكة العامة على نطاقين تجاريين، بقدرة 550 ميغاواط في مصر و280 ميغاواط في المغرب، فيما يجري تشغيل محطات رياح مستقلة لتطبيقات صغيرة في الأردن والمغرب وسورية. يقع جزء كبير من المنطقة العربية ضمن ما يسمى «حزام الشمس»، الذي يستفيد من معظم أشعة الشمس الكثيفة الطاقة على الكرة الأرضية، من حيث الحرارة والضوء على السواء. وتتراوح مصادر الطاقة الشمسية في البلدان العربية بين 1460 و3000 كيلوواط ساعة في المتر المربع في السنة. ويُستعمل توليد الطاقة الشمسية الذي يستخدم التكنولوجيا الفوتوفولطية في عدة تطبيقات مستقلة، وخصوصاً لضخ المياه والاتصالات السلكية واللاسلكية والإضاءة في مواقع نائية. ويوجد أكبر برنامج فوتوفولطي عربي في المغرب، حيث تم تركيب 160 ألف نظام طاقة شمسية منزلي في نحو 8 في المئة من البيوت الريفية بقدرة إجمالية تبلغ 16 ميغاواط. وتطورت تطبيقات الضخ الفوتوفولطي نسبياً في تونس حيث بلغ إجمالي القدرة الذروية 255 كيلوواط. تحقق سخانات المياه الشمسية درجات مختلفة من الاختراق السوقي، وهي حالياً أكثر نجاحاً في القطاعين السكني والتجاري في مصر والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين. ويذكر أن سخانات المياه الشمسية هي أكثر استعمالاً في البلدان العربية التي توجد لديها موارد هيدروكربونية قليلة نسبياً أو لا توجد. ولدى بلدان الخليج وشمال إفريقيا امتدادات واسعة من المناطق الصحراوية التي يسطع فيها ضوء الشمس. وحتى الآن، تكاد قدرة الطاقة الشمسية المركبة لا تذكر، إذ أن هناك أقل من 3 ميغاواط من الطاقة الفوتوفولطية في السعودية وقدرة مركبة تبلغ 10 ميغاواط في الإمارات. ولا توجد حتى الآن محطات طاقة شمسية بالحرارة المركزة (CSP) في المنطقة، لكن بعض البلدان أعلنت عن خطط للاستثمار في هذه المحطات. ويجري إنشاء مشروع طاقة حرارية شمسية يدعى «شمس 1» بقدرة 100 ميغاواط في مدينة مصدر في أبوظبي، التي باشرت أيضاً عملية طرح مناقصة لمحطة فوتوفولطية موصولة بالشبكة العامة بقدرة 100 ميغاواط ذروة. وفي السعودية، أرسى مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية عقداً لإنشاء نظام فوتوفولطي بقدرة 3 ميغاواط ذروة، وأرست أرامكو عقداً لإنشاء محطة فوتوفولطية مركبة على ظِلَّة بقدرة 10 ميغاواط ذروة في الظهران، وهي ستكون أكبر محطة فوتوفولطية تركب على ظلة في العالم. وأطلقت حكومة عُمان دراسة لتطوير محطة طاقة شمسية بقدرة 150 ميغاواط. وفي البحرين، تطور الهيئة الوطنية للنفط والغاز مشروعاً لتركيب نظام فوتوفولطي شمسي موصول بالشبكة بقدرة 20 ميغاواط. إضافة إلى ذلك، تُجري مصر تجارب لتشغيل محطة طاقة شمسية مختلطة ذات دورة مؤتلفة بقدرة إجمالية مقدارها 140 ميغاواط في الكريمات قرب القاهرة، منها طاقة شمسية خالصة بقدرة 20 ميغاواط. ويتم إنشاء المزيد من محطات الطاقة الشمسية الهجينة (هايبريد) ذات الدورة المؤتلفة في الجزائر والمغرب، وأجريت دراسات جدوى لمحطة مماثلة في الكويت. وأعلنت قطر عن خطة طموحة، لكن لم تتحدد حتى الآن، لتنفيذ مشروع طاقة شمسية بقيمة بليون دولار. وهناك مشروع آخر غير عادي من حيث ضخامته هو مبادرة مغربية مقترحة بقيمة 9 بلايين دولار، تشمل تركيب 2 جيغاواط من قدرة الطاقة الشمسية لتلبية 10 في المئة من الطلب على الكهرباء في المغرب بحلول سنة 2020. علاوة على ذلك، اقتُرحت خطط لتوليد طاقة كهربائية شمسية في بلدان عربية للاستهلاك المنزلي والتصدير إلى أوروبا. فقد أسست مجموعة شركات من الاتحاد الأوروبي «المبادرة الصناعية ديزرتيك» التي تهدف إلى توليد نحو 550 جيغاواط من الكهرباء خلال السنوات الأربعين المقبلة، من تركيبات ستكون مواقعها بداية في الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس، ولاحقاً في المنطقة الممتدة من تركيا عبر الأردن وصولاً إلى السعودية. وأعلن صندوق التكنولوجيا النظيفة التابع للبنك الدولي عن تمويل بمبلغ أولي مقداره 5,5 بليون دولار في ديسمبر/ كانون الأول 2009. وسوف تستعمل الكهرباء لتلبية الطلب المحلي وللتصدير إلى أوروبا، بواسطة كابلات تيار مباشر عالية الفولطية تمتد تحت سطح البحر المتوسط. وهناك مبادرة هامة أخرى هي «الخطة الشمسية المتوسطية» المصممة لتطوير 20 جيغاواط من القدرة الكهربائية المتجددة بحلول 2020 جنوب البحر المتوسط، إضافة إلى البنى التحتية الضرورية للربط الكهربائي مع أوروبا، تم إطلاقها العام 2008 ضمن نطاق «عملية برشلونة: الاتحاد من أجل البحر المتوسط (UfM)». سياسات الطاقة العربية الراهنة لاحظ تقرير «أفد» أن الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري يعني أن الاتجاهات الحالية في قطاع الطاقة العربي هي غير مستدامة. ويتطلب تحقيق أنماط أكثر استدامة لإنتاج الطاقة واستهلاكها اعتماد سياسات طاقة خضراء لتقليل التعرض لأضرار اقتصادية، وتلبية ارتفاع كلفة الطلب بفعالية، وتخفيض تلوث الهواء، والتصدي للانبعاثات الكربونية. وقد تم التعهد بذلك على نحو مرض في «الاستراتيجية الاقليمية العربية للاستهلاك والإنتاج المستدام» التي أقرّها مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة، وهي حددت مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، منها تحسين كفاءة الطاقة، وزيادة حصة الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة، ونشر تكنولوجيات الطاقة المتجددة خصوصاً في المناطق الريفية والنائية. ولكن الاستراتيجية ذاتها تحدد قائمة شاملة للتدخلات السياسية المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف. وهذه تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، إدخال إصلاحات في سياسات الطاقة الحالية التي تؤثر في الأنظمة والحوافز التي تستخدم الإعانات المالية والضرائب والأسعار، تأخذ في الاعتبار التكاليف البيئية والاجتماعية، مع الحفاظ على الإعانات المالية للطاقة من أجل الفقراء، وتحسين كفاءة الطاقة، خصوصاً في الصناعات المسرفة في استهلاك الطاقة والنقل وتوليد الطاقة، وتعزيز تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة على نطاق واسع، ودعم إدارة نوعية الهواء من خلال تخطيط حضري أفضل. وتم بالفعل تأسيس شراكة للطاقة من أجل تنمية مستدامة من خلال مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة بالتعاون الوثيق مع منظمات إقليمية، بما فيها منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة. وبالمثل، فإن القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في الكويت العام 2009 شددت حصراً على تعزيز التعاون العربي في مجال الطاقة، خصوصاً في تحسين كفاءة الطاقة، ودعم أبحاث الطاقة، وتعزيز تطوير الطاقة المتجددة كوسيلة لتحقيق تنمية مستدامة. اعتمدت بعض البلدان العربية سياسات وبرامج طاقوية متنوعة تستهدف الأبنية ووسائل النقل والصناعات. وتشمل هذه السياسات توجيهات تنظيمية واتفاقيات طوعية وحوافز. حدد عدد من البلدان العربية أهدافاً للطاقة المتجددة، كما هو مبين في الجدول أعلاه. فأعلنت الحكومة اللبنانية مثلاً أنها تزمع الوفاء بمقياس محفظة الطاقة المتجددة البالغ 12 في المئة بحلول سنة 2020. وتعتبر طاقة الرياح المصدر الأكثر جدوى اقتصادياً، حيث من المتوقع أن تستأثر في تونس بنحو 85 في المئة من حصة الطاقة المتجددة بحلول سنة 2020. ولدى مصر قدرة سنوية على توليد طاقة الرياح مقدارها 550 ميغاواط. وفي الأردن، يقدّر أن نشر مصادر الطاقة المتجددة سوف يستأثر بنحو 10 في المئة من إنتاج الطاقة الرئيسية في البلاد بحلول سنة 2020. تشجيع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة بالنسبة إلى تركيب نظم طاقة متجددة، تؤدي الحوافز التي تخفض الكلفة الرأسمالية الأولية دوراً رئيسياً في تحفيز الطلب وتطوير سلسلة إمدادات نشيطة. ويشيع الآن دعم سخانات المياه الشمسية في عدة بلدان عربية، بما فيها مصر ولبنان وتونس. وتتوافر هبات رأسمالية وحسوم تشجيعية وقروض منخفضة الفوائد وإعفاءات من ضرائب القيمة المضافة لدعم التكاليف الأولية لشراء سخانات المياه الشمسية أو تركيبات الطاقة المتجددة. ولزيادة تبني إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق واسع في البلدان العربية، هناك حاجة إلى حوافز وسياسات لبيع الطاقة المتجددة إلى الشبكة العامة وتخفيض أو إزالة الدعم عن الكهرباء والوقود الأحفوري. تم تبني سياسة تعرفات التغذية على نطاق واسع في كثير من البلدان والمناطق خلال السنوات الأخيرة. وقد حفزت الإبداع وزادت الثقة والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً طاقة الرياح والطاقة الشمسية والوقود الحيوي (بيوفيول). وكان لهذه السياسات أكبر الأثر على طاقة الرياح، لكنها أثرت أيضاً في تطوير الطاقة الفوتوفولطية الشمسية والكتلة الحيوية والمحطات الكهرمائية الصغيرة. ويستمر الزخم القوي لتعرفات التغذية في أنحاء العالم حيث تسنُّ البلدان سياسات جديدة أو تنقح السياسات الحالية. وفي المنطقة العربية، الجزائر وحدها هي البلد الذي سنَّ حتى الآن سياسات تتعلق بتعرفات التغذية، في حين هي قيد الدرس في مصر ولبنان والسعودية والإمارات وتونس واليمن. وأسست بلدان قليلة في المنطقة صناديق خاصة للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة لكي تمول الاستثمارات مباشرة، وحددت المقاييس، وهي تقدم الدعم التقني من خلال الأبحاث والتعليم والتوعية الجماهيرية. وتم في لبنان مؤخراً تأسيس الحساب الوطني لكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة (NEEREA) لتقديم الدعم المالي والتقني لمشاريع كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في البلاد. ويعمل الحساب بالتعاون مع المصرف المركزي في لبنان لتقييم تطبيقات الهبات والقروض المنخفضة الفوائد الخاصة بهذه المشاريع. يوصي تقرير «أفد» بوجوب تذليل عدد من العوائق السياسية والسوقية والاقتصادية من أجل ترويج الطاقة الخضراء عربياً. وأوصى البلدان العربية بما يأتي: - إزالة العوائق الحالية التي تحول دون التحول إلى نظام طاقة خضراء، بما في ذلك انعدام الاستثمار في الأبحاث والتطوير وبناء القدرات وصنع السياسة المتكامل. - إصلاح الإطار التشريعي والمؤسسي الحالي لتسهيل الانتقال إلى اقتصاد أخضر. - توفير نظام حوافز يشجع الاستثمار في تكنولوجيات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة. - تبنّي كفاءة الطاقة وإدارة الجانب المتعلق بالطلب والطاقة المتجددة كركن لسياسة طاقة جديدة، تبنى على جهود منسقة تشمل الحكومة والقطاع الخاص والقطاع المالي والجهات المعنية الأخرى. - تعديل أسعار الطاقة باستمرار لتعكس الكلفة الاقتصادية الحقيقية والندرة والكلفة الحدية الطويلة المدى والأضرار البيئية. وإصلاح أسعار الطاقة هو أداة فعالة لترشيد استهلاك الطاقة والتحول إلى تنمية قليلة الكربون، ما يؤدي في الوقت ذاته إلى زيادات كبيرة في الإيرادات الحكومية. ويجب إعادة تخصيص هذه الإيرادات لتعزيز التوسع في تكنولوجيات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة. - البدء في مناقشة سياسية لصياغة آلية مؤسسية جديدة لضمان انسجام سياسات الطاقة والمناخ في المنطقة العربية. يدعو تقرير «أفـد» البلدان العربية الى تبني برنامج إقليمي ضخم بعيد المدى لزيادة استعمال طاقة الرياح والطاقة الشمسية. هذا البرنامج من شأنه أن يساعد في تنويع الاقتصـادات العربية ويضمن أمن إمدادات الطاقة، في حين يضمن للبلدان العربية وضعاً مستداماً ورائداً في الأسواق كبلدان مصدرة للطاقة الخضراء | |
|
مجموع المقالات: 0 | |