يوميات راكب درّاجة هوائية - 20 من سبتمبر 2011 - بوابة المخطط العمراني
أهلاً بك, ضيف! التسجيل RSS

بوابة المخطط العمراني

الأحد, 25 فبراير 02
الرئيسية » 2011 » سبتمبر » 20 » يوميات راكب درّاجة هوائية
10:42 PM
يوميات راكب درّاجة هوائية

مسارات / أمضى دافيد بيرن أوقاتا طويلة من حياته متجوّلا على درجة هوائية خلال الرحلات الفنيّة التي قادته إلى سيدني ومانيللا وسان فرانسيسكو والعديد غيرها من مدن العالم. لقد راقب كل ما وقع عليه نظره أثناء تجوله ودوّن ذلك في يوميات عرفت طريقها إلى النشر في كتاب يحمل عنوان: "يوميات على دراجة هوائية". وكانت الطبعة الأولى من هذا الكتاب قد صدرت عام 2009 ثم أغناها صاحبها في الطبعات التالية التي كان آخرها قبل فترة وجيزة.

يصوغ المؤلف اليوميات بشكل أساسي ملاحظات حول التخطيط العمراني في المدن، ويتحدث كثيرا عمّا يسميه (حضارة ما بعد الحداثة). ويتوقف عند كل مدينة أمام ما يبدو له ظواهر اجتماعية يعبّر عنها بناؤها.

فهكذا يرى أن (النظام الطبقي) يبرز جليا في العاصمة البريطانية لندن. ومفاهيم العدالة والهجرات الإنسانية تقفز إلى الذهن عند المرور أمام (متحف) أجهزة الاستخبارات الألمانية الشرقية (سابقا) في برلين، و(الذوق الديني) في اسطنبول ومظاهر (الثراء البورجوازي) في بيونس أيرس وإرث (الماضي) في مانيللا، الخ.

ما يؤكده المؤلف هو إحساسه بـ (الحرية والدقة) عندما ينظر وهو يسير بدرّاجته في الشوارع، (شوارع العالم) كما يقول. ويشير أنه منذ بدايات الثمانينيات الماضية غدت الدراجة الهوائية هي وسيلة انتقاله الرئيسية في مدينة نيويورك التي كان يعيش فيها.

ومنذ (التجربة الأولى) ذاق (طعم الحرية) و(أحس بالنشاط) و(سهولة الحركة) بعيدا عن هموم البحث عن سيارة أجرة أو ركوب (المترو) المكتظّ دائما. ويحكي المؤلف بكثير من الحماس قصة (اكتشافه) للدراجة الهوائية (القابلة للطي) , كان ذلك في نهاية عقد الثمانينيات الماضي. هذا كان يعني سهولة نقلها في جوف حقيبة إلى مختلف أماكن العالم، حيث كانت مهنته كفنان ومرافقته لفرقته تستدعيان أسفارا كثيرة.

وكانت (الدراجة) تعني امتلاك نفس هامش الحرية في أية مدينة مثلما كان الأمر في نيويورك بعيدا عن (وسائل النقل العامة). امتطاء الدراجة يقدمه المؤلف على أنه (نافذة) أطلّ منها على قسم كبير من العالم خلال الثلاثين سنة المنصرمة من حياته. (إنها نافذة كبيرة تطلّ على مشاهد المدن بالضرورة)، كما يكتب المؤلف مشيرا أنه لا يقوم بجولاته من موقع الرياضي أو المتنافس في سباق الدراجات.

ثم إن المدن (تفصح عن ذهنيتها) عبر واجهات المخازن والمتاحف والمعابد والمباني الرسمية، ومن خلال تشابك هذه المكونات كلها.

إنها تتحدث (لغة بصرية) فريدة. ذلك أن الأمكنة تتحدث إلينا. خاصة تلك التي عشنا فيها طفولتنا. من هنا يبدو حديث المؤلف عن مدينة (بالتيمور)، مهد طفولته، مشبعا بالعواطف. ونفس اللهجة في حديثه عن سان فرانسيسكو التي أمضى فيها شطرا من حياته وبالطبع عن نيويورك، مكان إقامته. إنه يصف تعرجات وأزقة هذه المدن، بينما يتحدث عقله أكثر مع اسطنبول ولندن وبرلين وغيرها من المدن العديدة التي مرّ فيها عابرا، مع وقفات قد تطول أو تقصر.

ومن الفضائل الأساسية التي يحددها المؤلف للدرّاجة الهوائية هو أنها تسمح بـ (مشاهدة الأشياء من وجهة نظر قريبة لوجهة نظر السائرين على أقدامهم أو الباعة المتجولين. لكن مع الاستفادة بالوقت نفسه من طريقة في الانتقال ليس فيها قطيعة مع حياة الشاعر) .

المهم، كما يقول، هو رؤية المدينة بكل أبعادها ومحاولة فهم الطريقة التي يشغل فيها الناس المجال المحيط بهم. ويكتب في معرض حديثه عن مدينة نيويورك: (إن الأبنية المخيفة واكتظاظ السكان لا تمثل المواضيع الحقيقية عندما نتحدث عنها. إننا نتحدث عنها لأننا نريد أن نحدد الكيفية التي حوّلت فيها البشر).

ولا يتردد المؤلف في القول ان الكثير من الملاحظات التي يكتبها عن مشاهداته التي (مرّ) فيها أو (توقف قليلا) فيها إنما هي ملاحظات قد تكون سطحية ومحدودة , لكن دافيد بيرن يؤكد أن المرء المتنبه يستطيع أن يكوّن فكرة عن اقتصاد أية مدينة من خلال (واجهات مخازنها). وأن يقرأ بعض تاريخها عبر التمعّن في (أبواب منازلها وخاصة في أطر هذه الأبواب) . هذا مع التأكيد أن لجميع المدن (وجوهها الفريدة) و(وسائل تعبيرها عن مواطن الأهمية فيها) . ثم إن للفن (وظيفة) مختلفة من مدينة إلى أخرى.

في المحصلة يؤكد المؤلف أن اكتشافه لـ(عالم الدراجات الهوائية) والمزايا التي تقدمها لمستخدميها، على الصعيدين العملي والجسدي. قد ساهم إلى حد كبير في صيانة (صحته الذهنية) . هذا فضلاً عن أنها تمثل (دعوة دائمة إلى الاكتشاف)، بل و(دعوة إلى التأمّل). باختصار تجعل الأماكن المحيطة (أكثر إنسانية).

الفئة: أخبار عمرانية عربية | مشاهده: 752 | أضاف: urbanplanner | وسمات: كتب عمرانية | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
الاسم *:
Email:
كود *: