4:09 PM 3 دراسات تحذر من خطورة تنفيذ مشروع القاهرة 2050 | |
جاءت الدراسات الثلاث فى كتاب صادر عن المركز تحت عنوان "العشوائيات الآمنة"، حملت الدراسة الأولى عنوان "تطوير المناطق التراثية" للصحفى والباحث فى علم الآثار محمد مندور، وحملت الثانية عنوان "الحماية الجنائية للحيازة" للدكتور عماد الفقى محاضر القانون الجنائي، وجاءت الثالثة بعنوان "التسامح والعشوائيات" للدكتور عصام عبد الله أستاذ الفلسفة بآداب عين شمس. أكدت دراسة محمد مندور إمكانية تعرض الحكومة المصرية لعقوبات دولية حال المضى فى تنفيذ مراحل المخطط داخل المناطق التراثية والأثرية، دون الأخذ بما تضعه اتفاقيات حماية الآثار والمناطق التراثية التى وضعتها اليونسكو فى هذا الشأن، حيث يضع المخطط الحكومى ضمن أهدافه تحويل المناطق الأثرية إلى متاحف مكشوفة، وبناء منشآت سياحية حولها بطرز معمارية ربما لا تتفق وطبيعة هذه المناطق، بخلاف تحديد نطاق حرم المناطق الأثرية وكذا التعامل مع سكانها الأصليين الذين يعدون جزءا من المكان والتاريخ. وقالت الدراسة إن عمليات التنقيب عن الآثار والإتجار بها سادت العقود الماضية ومستمرة دون رقيب، وكانت سببا فى إثراء عائلات دون سبب فى مناطق تاريخية مهملة من قبل مسئولى الآثار، مستعرضة قضايا تخص مناطق عين شمس والمطرية ونزلة السمان والقاهرة الفاطمية، وتضم عددا كبيرا ممن حرموا تطوير أماكن وجودهم بشروط مناسبة أو عاشوا داخلها بعد أن أهملت الحكومات المتعاقبة حقوقهم فى السكن الآدمى الملائم. وتابع مندور الحديث عن خطورة مخطط القاهرة 2050 على المناطق التراثية مؤكدا خطورة غياب معلومات حول بيع أراضى مناطق مستهدفة بالإخلاء لمستثمرين عرب وأجانب لن يراعوا غير مصالحهم فى بناء استثمارات ومنشآت تدر عليهم أرباحا كبيرة على حساب التاريخ والبشر معا، مؤكدا استحالة القبول بتطوير مناطق تاريخية وإجلاء سكانها عنها أو نجاح أى نشاط سياحى منتظر فى غيابهم. وأكد مندور خطورة استغلال الفتاوى الموجهة فى نقل مقابر وجبانات القاهرة على طريق الأتوستراد دون الأخذ فى الاعتبار أهمية الأماكن التاريخية داخلها، مشيرا إلى وجود نحو 1100 أثر غير مسجلة مقابل نحو 42 أثرا فقط مسجلة تقع على مساحة 1400 فدان مستهدفة بالإزالة وتحويلها إلى مناطق خضراء وسياحية. وكشف مندور عن إمكانية استخدام قوانين حماية المناطق الأثرية فى مصر والقوانين الدولية ذات الصلة بحماية المناطق التراثية، فى قيام المحامين والمدافعين عن حقوق سكان المناطق العشوائية بإيقاف عمليات الإخلاء القسرى التى تتكرر بحق المواطنين، موصيا بضرورة عمل ورش تدريبية متبادلة بين الطرفين وإشراك الأثريين والمعماريين فى مواجهة أكبر مع منفذى المخطط المشبوه دون اعتبارات لحماية الأثر والبشر معا. أما دراسة الدكتور عماد الفقى بشأن "الحماية الجنائية للحيازة" وفقا للتشريعات المصرية ، فأكدت إمكانية الاستعانة بجهاز النيابة العامة فى مواجهة عمليات الإخلاء القسرى وجرائم الاعتداء على الحيازات الآمنة للسكان فى المناطق العشوائية المستهدفة بالإزالة فى مخطط القاهرة 2050 ، خاصة فى ظل مناخ يؤكد عدم استجابة هيئات قضائية أو جهات تحقيق لمطالب المحامين والحقوقيين بتطبيق المعاهدات الدولية التى صدقت الحكومة عليها فى هذا الشأن. وقالت الدراسة إن القانون الدولى يحمى الحق فى السكن ويضع ضوابط وشروط لعمليات الإخلاء القسري، كما أن قانون العقوبات المصرى تدخل لفرض نوع من الحماية الجنائية للحيازة فى المواد من 369 وما بعدها، وأوجب قانون المرافعات فى المادة 44 مكرر منه على النيابة العامة القيام بفرض نوع من الحماية الوقتية للحيازة، وذلك بأن تصدر قرارا وقتيا فى منازعات الحيازة التى تعرض عليها سواء كانت جنائية أو مدنية، وإن كانت تلك المنازعات بين أفراد أو جماعات وبعضهم، أو بينهم وبين أجهزة تنفيذية تابعة للدولة ما دام الاعتداء على حيازتهم قد تم بالمخالفة للقانون أو دون سند من القضاء. وقال الدكتور عماد الفقى إن القانون لم يشترط فى الجانى المعتدى على الحيازة صفة خاصة، فيستوى أن يكون من أحادى الناس أو موظفا عموميا، وعلى ذلك فيجوز للأفراد الذين تقوم أجهزة الدولة وموظفيها حيالهم بعمليات إخلاء قسرى دون وجه حق أن يرفعوا هذا النزاع إلى القضاء لوقف إجراءات الإخلاء القسري، فإن قضى الأخير ببطلان إجراءات الإخلاء أو الإزالة ومخالفتها صحيح القانون، امتنع عن الجهة الإدارية البدء فى تنفيذ عمليات الإخلاء أو الإزالة، فإن فعلت كان تصرفها على غير سند قانوني، وبالتالى يحق للمتضررين اللجوء إلى النيابة العامة لمباشرة الدعوى الجنائية الناشئة عن جرائم الاعتداء على الحيازة ضد مسئولى الجهة المعتدية على حيازاتهم وملكياتهم، وطلب معاقبتهم وفقا لقانون العقوبات. وأضاف الفقى "أن ثمة عوار وقصور فى الحماية الجنائية للحيازة العقارية يتمثل فى ضآلة العقوبات المقررة لجرائم الاعتداء عليها والتى تنحصر ما بين عقوبتى الحبس والغرامة أو إحداهما، وهى عقوبات ضعيفة بالقياس على العقوبات المقررة لسرقة أو الاعتداء على حيازة المنقولات، رغم أن المنطق القانونى السليم يقتضى من المشرع فرض عقوبة أغلظ وأشد على الاعتداء على حيازة العقار منها على الاعتداء على المنقولات، لأن للسكن أو العقار أهمية قصوى بالنسبة لأصحابه، إذ يمثل لهم المكان الآمن ومكمن الأسرار". وأوصت الدراسة بأن تتفق عمليات الإخلاء القسرى مع ضوابط دولية مقررة بالإعلان العالمى والعهد الدولى والمواثيق ذات الصلة، ووضع آلية قانونية لاتخاذ إجراءات سريعة وفعالة تكفل للمواطنين وقف الاعتداء على حيازتهم وملكياتهم، وتغليظ العقوبات المقررة لجرائم الاعتداء على الحيازة لتحقيق الردع لمرتكبى هذه الجرائم من الأفراد العاديين أو الموظفين العموميين، خاصة أن عمليات الإخلاء فى مصر تتم على الأغلب باستخدام القوة فى التعامل مع سكان المناطق العشوائية أو المستهدفة بالإزالة". فى المقابل أكدت دراسة الدكتور عصام عبد الله أستاذ الفلسفة بقاء سكان العشوائيات وقودا لقوى سياسية وتيارات دينية متطرفة خلال عقود ماضية، جرى استخدامهم خلالها فى معارك سياسية لنظام الحكم ضد معارضيه، وفى إحداث فتن بين أبناء الديانات والعقائد المختلفة من المصريين، بعد سلبهم حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية فى السكن الملائم والعمل والصحة والتعليم والغذاء، وإهدار كرامة أغلبهم داخل مقار ودواوين أجهزة الدولة وأقسام الشرطة، ورهن مشاركتهم السياسية فى الانتخابات بتصويتهم "مدفوع الأجر" لصالح مرشحى الحزب الوطنى المنحل مقابل حصولهم على بعض حقوقهم فى المرافق الأساسية التى تفتقدها مناطق وجودهم. وقال عصام عبد الله "إن سكان العشوائيات من أكثر المواطنين شعورا بقضايا وأزمات الوطن، وإن كانت مشاركة بعضهم أو أغلبهم فى ثورة 25 يناير طبيعية كغيرهم من المواطنين المصريين، إلا أنهم شعروا بإمكانية حدوث تغيير حقيقى يصب باتجاه تغيير أوضاعهم المعيشية السيئة، فرفضوا النزول إلى الميادين مجددا واستضعاف الدولة فى مرحلة الحكم الانتقالى للمجلس العسكري، رغم أن حكومة شرف لم تقدم لهم أى جديد وزادت فى عهدها الأعباء على الأسر البسيطة، وبالتالى لا يمكن أن تتحامل عليهم أى قوى نظامية جديدة حتى لا يحدث انفجار شعبى يكون هؤلاء نواته فيهددون استقرار المجتمع المصرى بأكمله، خاصة أن ثورة الخامس والعشرين من يناير بدت بلا قيادة أو زعامة". وتابع عصام فى دراسته "إن تغييب الحقوق الانسانية الأساسية عن سكان المناطق العشوائية، ساهم فى تغييب علاقات التسامح بينهم وبين المجتمع، كما فعلت بهم النظرة الإعلامية والاستعلاء الحكومى ما فعلت، ليتصور أغلبنا أن العنف والجريمة سمة مرتبطة بالمحرومين من حقوقهم (المادية)، رغم أن التسامح يعرف طريقه بسهولة إلى هؤلاء الذين يمكن بناء مجتمع متسامح داخل مناطق وجودهم قوامه احترام دولة القانون والحريات الفردية والجماعية". وطالب عصام المجلس العسكرى وحكومته والبرلمان المقبل توخى الحذر فى التعامل مع حقوق المهمشين وسكان المناطق العشوائية بقوانين وتشريعات جديدة تزيد من أعباءهم وتعقد عملية حصولهم على حقوقهم أو مجاملة مستثمرين ورأسماليين جدد على حسابهم، مؤكدا ضرورة صياغة نصوص دستورية تحمى حقوقهم الإنسانية العادلة، وتشريعات تضمن حقوقهم الأصيلة فى تنمية مناطق وجودهم، إلى جانب مشروع قومى حقيقى يجمع المصريين المضارين من السياسات الاقتصادية الخاطئة، يعاد معه دمج هؤلاء المهمشين فى المجتمع المصرى ليكونوا نواة نهضة حقيقية بدلا من إهمالهم وتحولهم إلى خطر على الوطن والمواطنين، مشددا على أن فكرة "العزل" أو "الإجلاء" أو "الإبعاد" إلى خارج العاصمة، يمكن أن تحول حدودها إلى حزام ناسف نسيجه المضارون من سياسات الإخلاء القسري. | |
|
مجموع المقالات: 0 | |