في هذا السياق يقول عبدالواحد منتصر، في
تصريح لـ"العربية.نت"، حينما أتحدث عن المدينة السعيدة لا أنطلق من فكرة
"يوتوبية"، فالمدينة السعيدة كما ذكرت في الكتاب، هي مدينة سبق لها أن وجدت
في الماضي، وهي موجودة اليوم بالفعل في الحاضر، وهي أيضاً ممكنة الوجود في
المستقبل بصيغ معمارية وحضرية متجددة متعددة إذا تضافرت الشروط والرهانات
اللازمة، تبعاً له.
ويرى أن الهندسة مثل الشعر، فكلاهما يكشف عن أسلوبه بالخيال والحلم
والذاكرة، ويستشرفان أنوار الحياة، مؤكداً أن الهندسة قبل كل شيء هي كتابة
معمارية وفوتوغرافية، وأنها تنتمي إلى العلوم الاجتماعية أكثر من انتمائها
إلى العلوم الحقة، لأنها تتوسل تحقيق غايات إنسانية نبيلة، وبالتالي فهي
ضرب من "اليوتوبيا" إذا كان المقصود بها حق المهندس التطلع إلى الأفضل
دائماً، حقه في الخيال الذي بدونه سيتحول إلى مجرد تقني قانع بتدخلات
محدودة وجزئية في صياغة الواقع العمراني القائم.
ويستطرد قائلاً إن المدينة السعيدة لا تقف عند توفير الديمقراطية لساكنتها،
لابد لها من أن تلبي متطلبات متنوعة أخرى جمالية ومتعوية حسية وروحية
تتعدى المستلزمات الحيوية الدنيا، متابعاً أن المدينة السعيدة لا تستحق هذه
الصفة إذا لم تضع الثقافة والمعرفة ضمن أولوياتها.
وفي نفس الكتاب يحتفي الشاعر المهدي أخريف، من منظور سردي ونوستالجي،
بالمدينة المغربية وغيرها كما عاش وارتحل فيها، وكما حاول التكيف والتصالح
مع فضاءاتها وفظاعتها أيضاً، وفي هذا المقام يبرز انتصار أخريف لحميمية
المكان ولألفة الناس في مدينة أصيلة باعتبارها المدينة السعيدة، والبيت
الكبير، والملاذ الأول والأخير، يقول الناقد عبدالرحيم العلام.
سلمى الزرهوني، مديرة منشورات "أرشيميديا"، تقول في تقديمها لهذا الكتاب:
"إن هذا المؤلف المشحون بشتى المشاعر ليس بتقني ولا أدبي، إنه يقتحم حميمية
علاقتنا بالمدينة، يقربنا منها ويبعدنا في نفس الآن. إنه نص يحكي عبر
توالي صفحاته عن لذة العيش معاً بتوافق وامتلاء، خارج بيوتنا. وهو يحرضنا
أيضاً على الانعتاق من الفضاء الداخلي المألوف للاستمتاع بالفضاءات
العمومية بمشاركة الآخرين متعة اللقاءات والألعاب الجماعية والاستمتاع
بجمال الطبيعة".
وتضيف أن روح الشعراء وحدها بسخائها قادرة على إهدائنا مسعى البحث عن سعادة متبادلة.