الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة عربيا |
المعمورة في اللغة هي صفة مشتقة من فعل عمّر فيقال بيت معمور ودارة معمورة وأرض معمورة أي بمعنى مسكونة ومأهولة. وتشير الخريطة الجغرافية إلى انتشار مناطق عدة تعرف باسم المعمورة في الدول العربية، فهناك المعمورة في المغرب والتي تعرف بأنها أجمل غابة في المغرب وذلك لما تحتويه من أشجار الصنوبر والبلوط الذي ينتج الفلين الطبيعي. وتساهم معمورة المغرب في دعم اقتصاد المغرب من الناحية السياحية والإنتاجية، وهناك كذلك المعمورة في الإسكندرية وهي إحدى مناطق حي المنتزه الذي يعتبر أحد الأحياء التاريخية القديمة في مدينة الإسكندرية، كذلك معمورة تونس وهي إحدى المدن الساحلية التونسية الجميلة، بالإضافة إلى المعمورة في صلالة في سلطنة عمان والتي تعتبر من المناطق الخلابة على مستوى المناظر الطبيعية. وبعيداً عن الخضرة والجمال والبلوط تقف معمورة أبوظبي شامخة لتعلن عن تجسيد روح الاقتصاد الجديد في أبوظبي. المعمورة هي عبارة عن بناية ضخمة تضم مجموعة من الوحدات المكتبية، تعمل كمقر لأبرز الشركات التي تقدم الاستشارة الفنية لاقتصاد أبوظبي الجديد، بالإضافة إلى مقر كذلك لمعظم أجهزة أبوظبي الحكومية والخاصة. تقف المعمورة في أبوظبي التي تم إنجازها بواسطة شركة الدار العقارية الذراع التنموية الرئيسية التي تقود جهود التنمية العقارية في العاصمة أبوظبي كشاهد على تطور رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 ووضعها قيد التنفيذ، تلك الخطط الرامية بالدرجة الأولى إلى تحقيق مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتمكين القطاع الخاص والشبه حكومي من المساهمة الكاملة في تنفيذ معظم خطط أبوظبي الاقتصادية. فكرة المعمورة تتمثل في خطة أبوظبي الاستراتيجية التي تعتمد على تنويع قاعدة مصادر دخلها، فهي تحاول نقل اقتصاد أبوظبي من الاقتصاد التقليدي الذي اعتمدت عليه طوال تاريخ الإمارة من مركز لاستخراج المواد الخام، سواء كان ذلك لؤلؤاً كما كان في السابق أو نفطاً كما هو في الوقت الراهن منذ اكتشاف النفط في الإمارة إلى مركز للاقتصاد الجديد قوامه تصدير تكنولوجيا وتقنية متقدمة في مجالات لم تعرف عنها المنطقة من قبل. بل أصبحت اليوم من أكبر المستهلكين لها مثل الطاقة والتكنولوجيا المتطورة. إن اقتصاد أبوظبي الحالي شأنه كشأن اقتصاد دولة الإمارات بشكل عام لا يمثل مصدر قوة لأنه يعتمد فقط على استخراج مواد الخام والتجارة بها في حين أنه لا يوجد ما يمكن أن يعتبر ركيزة أساسية في اقتصاد الدولة من أسس الاقتصاد الإنتاجي ولعل أبرز دليل على ذلك طبيعة تجارة أبوظبي الخارجية غير النفطية والتي يغلب عليها الاستيراد من الخارج، وإعادة التصدير في حين أن التصدير الفعلي للمنتج المحلي غير النفطي فهو محدود للغاية ولا يمكن أن يجعل اقتصاد الإمارة اقتصاداً منافساً في ظل الاقتصاد العالمي الحديث. لذلك جاءت المعمورة تجسيداً لرؤية قيادة أبوظبي نحو صياغة اقتصاد جديد للإمارة يشكل لها ركيزة أساسية لأسس جديدة تعتبر رصيداً لاقتصاد الدولة بشكل عام. فإلى جانب القطاع النفطي الذي يعتمد أساساً على الاستخراج وعلى التكنولوجيا الأجنبية فإن إمارة أبوظبي تنظر إلى ما وراء هذا القطاع إيماناً منها بأنه قطاع لا يتمتع بالاستدامة الاقتصادية. وعليه نجد أن أبوظبي بدأت تتجه نحو قطاعات جديدة تعزز دور الإمارة في الاقتصاد الجديد والذي قوامه التخطيط العلمي السليم لمستقبل أبوظبي من خلال إنشاء مؤسسات تتبع حكومة الإمارة وتعمل في مجالات عدة تساهم في إدخال الإمارة عالم ما بعد النفط. لذلك فإن المعمورة تحمل في طياتها وبين أركانها مؤسسات تعمل في قطاع الاستثمار، والتخطيط العمراني، والطاقة النووية السلمية، والتكنولوجيا المتقدمة. إن المعمورة هي بناء ضخم من الفكر الاستراتيجي ذا منحى اقتصادي قبل أن تكون بناءً ضخماً من الأسمنت، فعلى عاتقها يقع التخطيط والتنفيذ لمستقبل اقتصاد أبوظبي الجديد الذي قوامه اقتصاد ذو تنمية مستدامة للإمارة بشكل خاص والدولة بشكل عام. ولعل ما يميز هذه الفكرة الضخمة هي أنها لم تأت لتنافس مجالات قائمة في إمارات أخرى في الدولة أو في دول مجاورة في المنطقة بل هي فكرة إبداعية لتحقيق ما يمكن أن يكون مركزاً لقطاعات لا مثيل لها في المنطقة ويمكن بالتالي أن تصبح سمة جديدة للمنطقة في الاقتصاد العالمي ويكون بالتالي لأبوظبي الفضل الكبير في ذلك، فهي فكرة رائعة من إمارة رائدة تنظر إلى المستقبل بعين الطموح لتصبح هي المعمورة. المصدر: http://www.albayan.ae/opinions/articles/2011-08-07-1.1483922 | |
مشاهده: 778
| وسمات: |
مجموع المقالات: 0 | |