أهلاً بك, ضيف! التسجيل RSS

بوابة المخطط العمراني

الأربعاء, 25 يونيو 18
الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة عربيا

ثلاثة وجوه للتنمية في سيناء
تحتل سيناء ـ في الحرب والسلام ـ صدارة الاهتمام الوطني‏,‏ فقد وضعتها المصادفة الجغرافية في واجهة الخطر‏,‏ وقدر لهذا الموقع الفريد أن يلعب أدوارا متباينة‏ فهو تارة جسر حضاري وممر بشري قطعته سلالات واعراق وحضارات وثقافات وأديان, بعضها ذاب في مصر واستقر, وبعضها زال واندثر وهو تارة معبر للغزاة والطامعين وبوابة علي الخطر, بعض هؤلاء الغزاة والطامعين دفنت أحلامهم وأطماعهم معهم في رمال سيناء وسفوح جبالها الوعرة, وبعضهم انكسر غروره قبل ان تطأ سنابك خيله شواطئ النيل.

وللتنمية في سيناء ثلاثة وجوه متكاملة, فهي من ناحية ضرورة إنسانية لقطاع من السكان كابدوا لسنوات معاناة الاحتلال والمواجهة, فقد قوضت سنوات الاحتلال جهود التنمية في سيناء, وصرفت الجهد الوطني نحو التحضير لتحريرها واستعادتها, وليس من المنطق في شئ أن تتأخر التنمية في سيناء منذ تحريرها, الي الدرجة التي تضع شريحة كبيرة من سكانها تحت خط الفقر, ويتراجع ترتيبها بين المحافظات الأقل حظا طبقا لمعايير التنمية البشرية.

والتنمية ـ من ناحية ثانية ـ آلية اندماج وطني للبدو في سيناء ضمن نسيج الوطن الأم, عبر حركة الدورة الاقتصادية القومية وهياكل الدولة الادارية ومؤسساتها, والانصهار بخصوصياتهم الثقافية والاجتماعية في تيار الثقافة الوطنية طبقا لقانون الوحدة في التنوع.

والتنمية ـ من ناحية ثالثة ـ هي شريان قوة للأمن القومي, في منطقة رخوة جيبوليتيكي واستراتيجي, حيث تقع سيناء بكاملها علي خط التماس مع الخطر الخارجي, وتتمدد علي طول الحدود الشرقية للبلاد, والتنمية ـ بالتوزيع العادل لعوائدها ـ جهويا واجتماعيا ـ هي التي تجعل سيناء عصية علي الاختراق, منيعة علي الغزو, وتؤمن شروطا موضوعية للاستقرار الاجتماعي والسياسي, وتمتص مظاهر التوتر والاحتقان لدي قطاع من السكان الأصليين الذين يهيمن عليهم إحساس طاغ بنقص حقوق المواطنة والاستبعاد من أجندة الاهتمام الوطني والأولوية المتأخرة في برامج التنمية والتطوير.

وقد دلت تجارب التاريخ الاقتصادي الحديث في دول متقدمة ونامية عديدة علي ان التخطيط للتنمية في المناطق الرخوة والمهمشة من البلاد يجب ان يتصدي لتحديين أساسيين يرجحان أسبقية التنبيه لتلك المناطق, أولهما تحديات الخصوصية الاستراتيجية كما في سيناء بما تتضمنه من نقاط ضعف جيوبوليتيكية قد تعرض الأمن القومي لمخاطر قائمة أو محتملة وتقدم التحديات الاستراتيجية مبررا موضوعيا قويا لإعطاء أولوية لمشروعات تنمية وسط سيناء والشريط الحدودي عند تخصيص موارد التنمية.

وثانيهما تحديات العدالة الجهوية أو الاقليمية وتجسير الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المختلفة في سيناء ففي الشمال يعيش80 بالمائة من سكان سيناء علي طول الساحل من بير العبد الي رفح, بينما تقل الكثافة السكانية في الوسط الذي يخلو من فرص التنمية, وتواجه منطقة وسط سيناء تحديات الهجرة المتزايدة الي مناطق التنمية والتوسع العمراني مثل مناطق ترعية الشيخ جابر ومناطق التنمية السياحية الحالية في جنوب سيناء ومناطق التنمية الاقتصادية في شمال شرق سيناء, حيث صارت تلك المناطق أقطاب نمو جاذبة لبدو سيناء بها يهدد مناطق الشريط الحدودي( رفح ـ طابا) ومناطق وسط سيناء( رأس النقب ـ الحسنة ـ نخل).

وتحتم تلك التحديات وضع برنامج سريع لزيادة معدلات التنمية في وسط سيناء والشريط الحدودي يهدف الي توطين السكان الأصليين من البدو في تلك المناطق وإقامة مجتمع ديناميكي نشيط ومستقر قادر علي استيعاب هجرات سكانية من الوادي والدلتا لا تقل عن أربعة ملايين نسمة بحلول عام2030, أما الجنوب فهو يتمتع باقتصاد ديناميكي نسبيا منفتح علي العالم يعتمد جزئيا علي النفط في خليج السويس وعلي السياحة, ناهيك عن التفاوتات بين سيناء ومحافظات الوادي والدلتا وهي تفاوتات يحمل استمرارها واتساعها إحساسا بالغبن ونقص المواطنة والرغبة في التمرد.



المصدر: http://www.ahram.org.eg/Issues-Views/News/98149.aspx
الفئة: مقالات منشورة عربيا | أضاف: urbanplanner (11 سبتمبر 04) | الكاتب: د. محمد ابراهيم منصور
مشاهده: 791 | وسمات: مقالات ، عمرانية ، عربية | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
الاسم *:
Email:
كود *: