الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة عربيا |
رغم مشاهد الدمار والخراب التي سببتها في شهر مارس الماضي أمواج المد البحري العالية "تسونامي" على امتداد السواحل الشمالية الشرقية اليابانية ذات المناظر الطبيعية الخلابة، فإن تلك الكارثة الطبيعية كانت من ناحية أخرى سبباً في تنبيه المسؤولين لاتخاذ خطوة بيئية متقدمة، تتمثل في استخدام تقنيات مستدامة في عملية إعادة بناء المناطق التي تعرضت للتدمير، سوف تقلص إلى حد كبير من الاعتماد على الفحم والطاقة النووية. فبعد الضغط الشعبي الداعي لتقليص الاعتماد على الطاقة النووية، إثر الانفجار الذي وقع في منشأة "فوكوشيما دايتشي" النووية، أصبح المسؤولون اليابانيون مقتنعين بهذه الخطوة كأولوية قصوى بالنسبة لهم. ومن هؤلاء المسؤولين "تاكيشي ماييدا"، وزير الأراضي والبنية التحتية والنقل والسياحة، الذي قال في مقالة له نشرت مؤخراً في إحدى الصحف: "سوف نجعل من المنطقة المعاد بناؤها نموذجاً لليابان بأسرها. سوف نفعل كل ما في وسعنا لبناء مدن ذكية وبناء مجتمع مستدام منخفض الكربون في المنطقة". ويشار إلى أن خطط إعادة البناء المبدئية، وجلسات تبادل الأفكار والآراء واقتراح حلول للمشكلات (العصف الذهني) التي عقدت في إطار تنفيذ هذا المشروع الواسع النطاق تشمل أفكاراً مثل إعادة تدوير الحطام الناشئ عن تلك الكارثة في إقامة حواجز لصد موجات المد العالي، وبناء تلال للغرض نفسه في المستقبل، بالإضافة لتركيب ألواح طاقة شمسية على المباني الجديدة التي سيتم بناؤها، واستخدام الأعشاب البحرية التي تنمو على الصخور في صنع الوقود الحيوي، بالإضافة لتصميم مناطق تجمع عمراني متقاربة يسهل التنقل خلالها سيراً على الأقدام. ويسلط "ياسوشي أوكورا"، المسؤول في قسم الدعم التقني التابع للإدارة البيئية في محافظة "ميفاجي"، المزيد من الضوء على هذا الأمر بقوله: "إذا ما حاولنا جعل المدن القائمة حالياً أكثر اخضراراً، فإنه يتوجب علينا الاشتغال وفقاً للقواعد الموجودة حالياً بالفعل... لكننا إذا ما فكرنا في البيئة بشكل شامل منذ البداية فسوف يكون من السهل علينا إدماج تلك المفاهيم الحديثة في تلك البيئة". وفي الوقت الذي ظهرت فيه طائفة من الاستراتيجيات الخاصة بتقليص الضرر الذي يمكن أن ينتج عن أي طغيان لأمواج المد البحري العالية في المستقبل، فإن التخطيط للمدن الخضراء يواجه عدداً من العقبات، مثل نقص الاعتمادات المالية، والوقت، والتنسيق، والمشاركة الجماعية. وقد بدأ تطبيق تلك الأفكار في عدد من المدن مثل "كاميشي" الواقعة على سواحل محافظة "آيويت" المشهورة بإنتاج الحديد وصيد الأسماك، حيث تركز الخطط الموضوعة لإعادة بناء المدينة على عنصر الأمان، والمحافظة على الثقافة المحلية، وعلى البيئة الطبيعية، بدلاً من إنشاء جسور من الخرسانة المسلحة على امتداد النهر، حيث تخطط الجهات المسؤولة عن الإنشاءات الجديدة لبناء جسر ترابي يؤدي دور الحماية من التسونامي من ناحية، وكمتنزه من ناحية ثانية. هذا علماً بأن الخطة الموضوعة لتطوير تلك المدينة لم تتناول موضوع الطاقة التي ستستخدم سواء في عمليات الإنشاءات أو بعد الانتهاء من بنائها حيث تقرر أن تتم مناقشتها في القريب العاجل من قبل لجنة مستقلة. يقول "اراتا إندو"، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة "كوجاكوين"، والذي يرأس اللجنة المذكورة: "نحن نركز في خططنا على مشاركة الجمهور في الوقت الذي تركز فيه مدن أخرى على أشياء مختلفة مثل إنجاز الأعمال بسرعة فائقة". ويضيف: "تبلور الأفكار الخلاقة على أرض الواقع يتوقف على توفير الاعتمادات المالية اللازمة من خلال القسط الثالث من الميزانية التكميلية الخاصة بمواجهة الكوارث". ولضمان مشاركة الجمهور، تقوم جمعية من المتطوعين مكونة من 200 مهندس معماري يطلق عليها اسم جمعية "آركي آيد" وتعمل في مدينة إيشينوماكي في محافظة "ميفاجي"، بالعمل من أجل اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لإشراك سكان المدينة الساحلية النائية في عملية التخطيط، حتى لا يحتج أحد منهم بعد انتهاء الأعمال بأن عملية إعادة بناء المدينة قد أضرت بالبيئة المحلية أو أضرت بصناعة صيد الأسماك مثلاً. والخبرة الفنية التي يتمتع بها أعضاء تلك الجمعية ليست العنصر الأساسي في عملية إحياء الثقافة المحلية، لكنها ضرورية أيضاً للمحافظة على المنظومات البيئية البحرية، والاقتصادات التي تدعمها كما يقول "ياسواكي أونودا"، أستاذ العمارة في جامعة "طوكيو"، والعضو المؤسس للجمعية. لكن عالماً بارزاً في مجال الهندسة المعمارية في طوكيو، وهو "ماساهيرو هارادا"، يقول إن عدداً قليلاً من الحكومات المحلية والاتحادية سعت جاهدة للحصول على مساعدة أساتذة العمارة في مجال التخطيط، وإنه شخصياً قد "صدم لأن أحداً لم يتصل به أو لم يتصل بغيره من المهندسين المعماريين الراغبين في تقديم المساعدة". أما "نوبيويجوك تاكاهاشيي"، مدير "مركز إعادة إحياء منطقة الكارثة" ومدير ملجأ في "إشيونوماكي"، فيقول إنه يشعر بالقلق من أن تنتهي الوعود السياسية بإعادة بناء مستدام، بحفنة من المشروعات المتفرقة والمنعزلة بدلاً من إنجاز عملية تصميم كاملة للطريقة التي ينبغي للناس أن يعيشوا بها. ويضيف "إشيونوماكي" الذي يرغب في بناء قرية بيئية في منطقة الكارثة إن "الشيء الذي نريده هو تغيير أنماط حياتنا وتقليص استخدام الطاقة، حتى نبنى المجتمعات التي نريدها والقادرة على مواجهة الكوارث الطبيعية في المستقبل". المصدر: http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=62697 | |
مشاهده: 762
| وسمات: |
مجموع المقالات: 0 | |