الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة عربيا |
نحو مفهوم وطني للتنمية
تظل التنمية معضلة الشعوب وهدفها وباعث حراكها نحو التغيير، بل لا يختلف
المتابع الحصيف مع المقولة التي تدعي أن التنمية والحاجات الإنسانية هي
مناط الحراك المجتمعي في العالم، الذي شوهد على شكل ثورات وانقلابات
وتحولات كان هدفها تحقيق التنمية التي تراعي الأبعاد المجتمعية من حاجات
أساسية وروحية وتقفز عن ذلك لتصل الى فهم الانسان كينونة وصيرورة في الشمال
والجنوب دون توظيف العولمة للسيطرة على مقدرات الأمم الفقيرة وسرقة
مواردها.
في المتابعة للفكر التنموي النظري وتاريخ التحولات العالمية في النظر الى التنمية في الاساس كنمو اقتصادي، ومن ثم رفاهية مادية، ثم تحول في تعريف المورد البشري كآلة وجب صيانتها الى مناداة نحو توسيع لخيارات الناس من خلال الناس، الى إدخال مفاهيم التنمية المستدامة، ووضع مؤشرات شاملة لها تطورها الأمم المتحدة كل عام وتتجاهل رغم هذا الجهد مصداقية القياس من خلال عزل البيئة السياسية العالمية وعبث الكبار على الساحة الدولية من دول وشركات عابرة، وأنظمة تابعة ووكيلة لنهب المقدرات. في سماعي لمحاور المؤتمر التنموي الاكاديمي الاول، الذي عقد في جامعة القدس مؤخرا، ومناقشة رئيس اللجنة العلمية فيه الدكتور زياد قنام رئيس معهد التنمية، دار الحديث حول أفكار هادئة وبناءة بعيدا عن الإطار النظري الفلسفي الذي لا يخدم بواعث التنمية ولا يسد جوع الفقراء ولا يبني واقعا يعزز انسانية الإنسان ويعطيه حق تقرير المصير خاصة في فلسطين. وقد تركز النقاش حول فهم يقوم على فلسفة تناقش الأبعاد الآتية: 1. إعادة النظر في مفهوم التنمية في فلسطين المحتلة التي تفهم الأولويات وتعيد فهمها على قاعدة مهمة مفادها أن السيادة ركيزة البناء، وأن الجغرافيا المكتملة أركان الحلم نحو تنمية مستدامة يملك فيها الفلسطيني ترابه ومياهه وحريته في صناعة علاقاته على قاعدة الاختيار الحر غير المرتبط بالمال أو الإجبار والتهديد. 2. الانسان أو الرأسمال الاجتماعي الدي كونته سنوات التعاون والتآلف الوطني مند انطلاق الثورة الفلسطينية الذي يعيش اليوم حالة من الارباك بعد أن قسمته جغرافيا السياسة والخلاف، وحالت دون جمعه الاجندات والأفكار، وعبث من شرق وغرب، حيث تحول فيه الانسان وثقافته الى قوالب ميتة تبحث عن التاريخ لتصحح المسار ولتستفيد من حراك مجتمعي عربي عاشق، ومتفاعل. 3. البيئة والتنمية والاستطاعة الفلسطينية.. التي أراد المنظم للمؤتمر مناقشتها بعد اقراره بدور الاحتلال وأثره السلبي العميق بها. لكن لا بد من الانطلاق الى إعادة الاعتبار للثقافة الوطنية التي تعزز المسؤولية المجتمعية، وترسخ التعاون والانتماء، وتفهم أن ما يملكه الفلسطيني وإن كان قليلا لا بد من تسخيره في تعزيز بنية تصمد في وجه منظومة التخريب والاقتلاع والتهويد. هذه الأركان الثلاثة التي دارت حولها وقائع جلسات المؤتمر جمعتها رئيسته الدكتورة فدوى اللبدي محدِدة المسؤوليات على ثلاثة صعد: 1. السلطة الفلسطينية من خلال تحديد الأولويات الفلسطينية، والدور، وإعادة الاعتبار لصيغ التكامل بين القطاعات المسؤولة عن التنمية من مجتمع مدني، وقطاع خاص، وسلطة وفق منظومة أهداف متفق عليها. 2. منظمات المجتمع المدني التي لم تزل عاجزة وغير قادرة على التشبيك الواعي والمسقوف بالخطة الوطنية التي تضبط الايقاع في البناء وحالة الشطط في أجندات الممول الخارجي، وذلك من خلال وضع الأولويات الوطنية على حساب المصالح الخاصة، والموقف الواعي على حساب أجندة المال ومنظومة التبعية العمياء. 3. القطاع الخاص الذي يعد السوق الأولى في تلبية حاجات الناس، والذي يعيش اليوم حالة يدور النقاش حولها ويختلفون حول فاعلية هذا القطاع، وعدالته، ومساواته، وانسانيته، هذا الجدل الذي كان غائبا حين كان القطاع الخاص ما قبل السلطة الفلسطينية المؤسسة الخيرية، والجمعية التعاونية، ولجان الإغاثة، ودفع مقابل هذا الدور الثمن الباهض. في القراءة السريعة للمؤتمر التنموي الذي عقده معهد التنمية برز دور الشباب من الجنسين من خلال أوراق وازنة أعطت الأمل في جيل قفز عن السلبية، وقدم الأولويات بلغة فلسطينية دون تهجين، ولا عبث في الجينات الوراثية للتكوين الفلسطيني ومنظومة ثقافته. هدا المؤتمر فتح النقاش حول قدرة الشاب الفلسطيني، وأولويات المجتمع وحاجاته، وكذلك بواعث التحديات التي تحتاج الى منهجية واعية للانتصار عليها. في العام المقبل سيكون لقاء آخر مع المؤتمر الثاني للتنمية، وآمل أن نشاهد شبابا فلسطينيا ينحت من واقعه نماذج نجاح عملية، تعزز المقولة التاريخية التي تفيد: حين تشاهد الفلسطيني لا بد أن ترى في حلقات عيونه الأمل. المصدر: http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=7&id=171668&cid=2580 | |
مشاهده: 832
| وسمات: |
مجموع المقالات: 0 | |