أهلاً بك, ضيف! التسجيل RSS

بوابة المخطط العمراني

الإثنين, 24 مايو 13
الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة عربيا

أهمية الدورة الأولى للمجالس البلدية
في سبيل العمل على توسيع المشاركة الشعبية في الحياة العامة وكتطبيق أعم واشمل للشورى على مستوى الأفراد كان المرسوم السلطاني رقم 116/2011 بإصدار قانون المجالس البلدية والمؤرخ في 26 من أكتوبر سنة 2011م والذي تبعه في 25 من مارس 2012م إصدار قرار ديواني رقم 15/2012 م بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون المجالس البلدية، وهو ما تم تنفيذه على أرض الواقع في 22 ديسمبر 2012م في صورة أول انتخاب لأعضاء المجالس البلدية.
وتكمن أهمية ذلك الحدث في أنه الأول من نوعه والذي يتم فيه انتخاب أعضاء تلك المجالس التي تختص بكافة شؤون العمل البلدي، وتقوم بتقديم الآراء والتوصيات بشأن كل ما يتعلق بالجوانب الخدمية والتنموية وتطويرها في نطاق المحافظات وذلك في حدود السياسة العامة للدولة وخطتها التنموية؛ وذلك باعتبارها أول انتخابات من نوعها لهذه المجالس، إذ سبقتها مجالس بلدية ولكن لم تكن تنتهج في طريقة تشكيلها أو تنظيمها – بالتعيين وليس بالانتخاب - ذات الأسس الواضحة التي ظهرت عليها تلك المجالس البلدية في صورتها الحالية خاصة في ظل العلم بأن السلطنة قد أنشأت أول مجلس بلدي في مدينة مسقط عام 1939، ثم أعيد تشكيله عام 1972 ليقتصر على محافظة مسقط وكان يتم تعيين جميع أعضائه، ثم شهد عام 1973 إنشاء ما سُمي مجالس "أمهات المناطق" وتغير مسمى هذه المجالس إلى "لجان بلدية" في عام 1986. وهنا يظهر قيمة التدرج في الشورى فبعد أن كانت العضوية في هذه المجالس، تقتصر على التعيين بالنسبة لمحافظتي مسقط وظفار، أصبح لمجالس البلدية ثلاثة أنواع من العضوية تتمثل في ممثلي الجهات الحكومية والمنتخبين الذين يمثلون ولاياتهم واثنين من أهل المشورة والرأي وذلك على التفصيل الوارد بالقانون.
ولأنه سبق ريادي في مجاله وفي مسيرة الشورى والتي أخذت من التدرج منهاجا فقد جاءت تلك التجربة وفق أسس نظمها قانون، وفصلت أحكامه لائحة تنفيذية فكانت تلك المجالس والتي يعد كل منها مجلس تنموي خدمي ليس له علاقة بالتشريع والرقابة ويعمل في إطار المحافظة فقط. وعلى إثر ما سلف كان تقديم نحو (1653) مرشحا ومرشحة من بينهم (46) امرأة لأوراق ترشحهم وبالفعل شملتهم قائمة المرشحين، فيما ضمت القوائم النهائية للناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم 546 ألفًا و428 ناخبا، وذلك لانتخاب 192 عضوا في 104 مراكز انتخابية لتكوين مجالس بلدية بعدد محافظات السلطنة الأحد عشرة، ويختلف عدد أعضاء كل مجلس باختلاف عدد سكان المحافظة، ونظرا لكثرة عدد ولايات السلطنة حوالي 61 ولاية وحتى يكون هناك تمثيل عادل لكل المحافظات فقد تم تحديد ممثلي كل ولاية في المجلس البلدي وفقًا لعدد سكانها على أساس أن الولايات التي لا يتجاوز عددهم 30 ألف نسمة تمثل بعضوين اثنين، والولايات التي يزيد تعدادها على ذلك الرقم يمثلها أربعة أعضاء، أما الولايات التي يتجاوز تعداد سكانها 60 ألف نسمة فيمثلها ستة أعضاء. وذلك كله بهدف بناء مجتمع يقوم على مبدأ الشراكة والتعاون والتعاضد المؤسسي ويستند على دور المواطن في بناء وطنه.
وفي سبيل تحقيق جو نظيف وشفاف لعملية انتخابات المجالس البلدية للدورة الأولى فقد تم تذليل كافة الصعاب باستخدام التكنولوجيا الحديثة والتغلب عليها؛ حيث تم تطوير جميع ما استخدم من آليات وإجراءات في العمليات الانتخابية السابقة، بهدف جعل هذه العملية الانتخابية أسهل من سابقاتها وقد وضح ذلك من خلال نظام إثبات حضور الناخب يوم التصويت إلكترونيا والذي مثل نقلة نوعية في الانتخابات فضلا عن نظام الفرز الآلي.
وبصدور المرسوم السلطاني رقم 116/2011 سالف البيان فقد أضحى تحديد مهام واختصاصات تلك المجالس من الجلاء بمكان حيث حدد اختصاصات المجالس البلدية بثلاثين اختصاصا تنعقد لها بصفة أساسية ويتم التعاطي معها والتعامل بشأنها بالتنسيق مع الجهات المختصة وهو ما تكرر ذكره في العديد من الاختصاصات؛ والتي من أهمها اقتراح إنشاء الطرق وتحسينها وتجميل وتنظيم الشوارع والميادين والأماكن العامة والشواطئ، وإبداء التوصيات المتعلقة بالصحة العامة، واقتراح الإجراءات الكفيلة بحماية البيئة من التلوث، واقتراح المشروعات ومواقع تنفيذها المتعلقة بالمياه والطرق والمتنزهات والصرف الصحي والإنارة، والمدارس والمساكن ودور العبادة والمراكز الصحية والتجارية ومواقف السيارات وغيرها من المرافق والخدمات العامة والمشروعات التي تهم المواطنين، واقتراح تطوير الحدائق والمتنزهات العامة وأماكن الترفيه وحماية الشواطئ من التآكل والتلوث، ومتابعة تنفيذ الأنظمة المتعلقة بالإنارة والمياه والصرف الصحي وغير ذلك من الأنظمة الخاصة بالمرافق العامة، بالإضافة إلى وضع النظم الخاصة بالإعلانات الدعائية وتحديد ضوابط وضع لافتات المحال التجارية والمحال العامة، وكذلك اقتراح إنشاء الأسواق والمسالخ ومدافن النفايات والنظم الخاصة بها، واقتراح النظم الخاصة بجمع النفايات والتخلص منها أو إعادة تدويرها وفقًا لأحدث الأساليب العلمية والاقتصادية، واقتراح الأنظمة الخاصة بالمحال العامة والمطاعم والمقاهي والمحال التجارية والصناعية والمحال الخطرة والمقلقة للراحة والضارة بالصحة والباعة المتجولين.
وبالإضافة إلى الاختصاصات السابقة فإن لتلك المجلس المشاركة مع الجهات المختصة في تقرير المنفعة العامة في مجال المشاريع التنموية وفقًا للأوضاع التي يقررها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، والمشاركة في وضع النظم الخاصة بمراقبة الحيوانات الضالة والسائبة، واقتراح تسمية الأحياء والمخططات والأماكن والطرق، والاشتراك مع الجهات المختصة في دراسة ووضع المخططات العمرانية الهيكلية والعامة وتقديم التوصيات بشأن تنظيم مخططات المناطق السكنية والتجارية والصناعية والسياحية، ودراسة الاقتراحات المقدمة للمجلس وإصدار القرارات أو التوصيات في شأنها. علاوة على اقتراح تحديد وإنشاء المواقف العامة للمركبات ومراسي السفن.
وللمجالس أيضا دراسة الشكاوى التي يقدمها المواطنون والجهات الأخرى بشأن المسائل التي تدخل في اختصاصها، وللمجلس أن يطلب من الجهات المختصة البيانات اللازمة لبحث هذه الشكاوى، وتقديم توصيات بشأن تنظيم مخططات المناطق السكنية والتجارية والصناعية، والتنسيق بشأنها مع الجهات المختصة، واقتراح فرض الرسوم البلدية أو تعديلها أو إلغائها وطرق تحصيلها، ومراقبة تنفيذ المشاريع الخدمية بالمحافظة وإبداء الملاحظات بشأنها للجهات المختصة، والمشاركة مع الجهات المختصة وإبداء الرأي مقدمًا في استغلال أي مرفق عام في نطاق المحافظة، ودراسة القضايا الاجتماعية والظواهر السلبية بالمحافظة واقتراح الحلول المناسبة لها بالتعاون مع الجهات المختصة، والموافقة على إقامة المهرجانات الثقافية والترفيهية والسياحية، واقتراح تنظيم عمل سيارات الأجرة ووسائل النقل العام، ومتابعة تنفيذ العقود التي ترتب حقوقًا مالية للمحافظة أو التزامات عليها، والتنسيق مع المجالس المجاورة لحل المسائل المتعلقة بتقديم الخدمات للقرى والتجمعات السكانية، ومتابعة إجراءات مكافحة التسول، وإبداء الملاحظات والتوصيات بشأنها.
وفي المجال الخدمي المجتمعي أيضا فعلي تلك المجالس اقتراح البرامج الكفيلة بمساعدة المحتاجين وذوي الدخل المحدود ورعاية الأيتام والمعوقين، واقتراح برامج لسرعة إغاثة منكوبي الحرائق والسيول والأنواء المناخية وتخصيص موارد مالية لسرعة صرفها في مثل هذه الحالات، والتواصل مع المجتمع المحلي ومؤسسات القطاع الخاص وعقد الاجتماعات وتلقي الملاحظات والمقترحات التي تهدف إلى خدمة وتطوير المحافظة.
وفي سبيل ضبط عملية اختيار الأنسب في تلك المجالس ضمانا لقيام الأعضاء بواجباتهم وتنفيذ ما أوكل إليهم من اختصاصات وصفت بالعديدة والشاملة والهامة ؛ فقد اشترط القانون في العضو عدة شروط من أهمها ألا يكون عضواً في مجلسي الدولة أو الشورى، وألا يكون موظفاً بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة، فضلاً عن الشروط الأخرى ومنها، أن يكون المترشح عماني الجنسية وألا يقل سنه عن ثلاثين سنة ميلادية، وأن يكون من ذوي المكانة والسمعة الحسنة في الولاية، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وأن يكون على مستوى مقبول من الثقافة، وأن تكون لديه خبرة عملية مناسبة، وأن يكون مسجلا بالسجل الانتخابي في مكتب الوالي في الولاية التي يريد الترشح عنها.وهو ما روعي فيه أن تكون تلك الشروط فيها ما يضمن استقلالية عضو المجلس المحلي، وتبعده عن ازدواجية الانتماء والولاء، بحيث يظل انتماؤه الأول للولاية التي يدافع عن قضاياها ويقدم المقترحات اللازمة لتنميتها ونهضتها في إطار جمعي يسعى لبناء الوطن.
ولأنها الدورة الأولى للمجالس البلدية فإن الأنظار تراقب ما ستتمخض عنه فعاليات تلك الدورة باعتباره سيعد أساسا ومقياسا لما سيكون عليه الدورات التالية؛ وهو ما سيثقل كاهل الناخب من ناحية ومن سيصبح عضوا من ناحية أخرى؛ إذ سيتطلب مسئولية كافة الناخبين عن دقة اختياراتهم والتي تستوجب تغليب المصلحة العامة على ما سواها من ناحية، كما تستتبع تحميل من يقع عليه الاختيار عضوا بتلك المجالس المسؤولية كاملة عن تنفيذ ما أوكل إليه من مهام واختصاصات وفق القانون وهو ما يتطلب منه فهم تلك الاختصاصات ومعرفة حدودها ثم إظهار حرفيته في تفعيلها التفعيل الأمثل والمنتج والذي يخدم به من أولوه ثقتهم، وهو ما ينعكس إيجابا على المجتمع بأسره.


المصدر: http://main.omandaily.om/node/119795
الفئة: مقالات منشورة عربيا | أضاف: urbanplanner (12 ديسمبر 30) | الكاتب: د. مصطفى بلاسي
مشاهده: 879 | وسمات: مشاركة عمرانية | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
الاسم *:
Email:
كود *: