الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة عربيا |
في فئة المواد: 24 المواد الظاهرة: 11-20 |
صفحات: « 1 2 3 » |
تصنيف بحسب: تاريخ · اسم · تصنيف · للتعليقات · للمشاهدين
رغم مشاهد الدمار والخراب التي سببتها في شهر مارس الماضي أمواج المد البحري العالية "تسونامي" على امتداد السواحل الشمالية الشرقية اليابانية ذات المناظر الطبيعية الخلابة، فإن تلك الكارثة الطبيعية كانت من ناحية أخرى سبباً في تنبيه المسؤولين لاتخاذ خطوة بيئية متقدمة، تتمثل في استخدام تقنيات مستدامة في عملية إعادة بناء المناطق التي تعرضت للتدمير، سوف تقلص إلى حد كبير من الاعتماد على الفحم والطاقة النووية. فبعد الضغط الشعبي الداعي لتقليص الاعتماد على الطاقة النووية، إثر الانفجار الذي وقع في منشأة "فوكوشيما دايتشي" النووية، أصبح المسؤولون اليابانيون مقتنعين بهذه الخطوة كأولوية قصوى بالنسبة لهم. ومن هؤلاء المسؤولين "تاكيشي ماييدا"، وزير الأراضي والبنية التحتية والنقل والسياحة، الذي قال في مقالة له نشرت مؤخراً في إحدى الصحف: "سوف نجعل من المنطقة المعاد بناؤها نموذجاً لليابان بأسرها. سوف نفعل كل ما في وسعنا لبناء مدن ذكية وبناء مجتمع مستدام منخفض الكربون في المنطقة". |
مباشرة بعد تدشين خط لا يتعدى 7 كيلومتر من تراموي العاصمة، حاول البعض
إيهام الناس أنهم لن يكونوا بحاجة إلى سياراتهم، فتبين فيما بعد أن الأمر
لا يتعدى أن يكون مجرد كلام ليس إلا، ثم أعيدت صياغة نفس العبارات بعد فتح
خط بأقل عن 10 كلم لميترو الجزائر بعد ثلاثين سنة من الأشغال، وتعاقب أجيال
عليه. وبعد أن تبددت أفراح اللحظة، بدا واضحا اليوم بأن التخلي عن السيارة
في العاصمة لن يكون غدا، بل لن يكون على المدى القريب، وأن معاناة المواطن
مع وسائل النقل ستستمر إلى غاية 2014 على أقل تقدير. فغياب التخطيط
والفوضى التي تعتري أول قطاع عرف التحرير، يجعلان اليوم من خط ميترو على
امتداد 5,9 كلم عديم الجدوى، بعد أن تضاعف عدد السكان خمس إلى ست مرات،
وتغيرت معالم العاصمة من خلال فوضى العمران، إلى أن أضحت بفعل أريفة المدن
عبارة عن أكوام لا متناهية من الإسمنت المسلح دون أي تمييز أو تصميم. والنتيجة أن تدارك التأخر المتراكم أضحى شبه مستحيل، خاصة وأن التأخر لا يزال قائما حتى في المشاريع التي شرع فيها، على شاكلة خط الحراش الذي يمتد على 9,3 كلم، ويسلم في غضون 2013 أي بعد قرابة 5 سنوات، وخط ساحة الشهداء الذي يمتد على 7,1 كلم، وسينتظره الجزائريون إلى غاية .2015 وبمنطق الأمور، فإن هاتين الوسيلتين لن تقدما الشيء الكثير، ولا يجب أن يتوهم الكثير بأن الأوضاع ستتغير قريبا، خاصة وأن الذهنيات السائدة منذ عقود في قطاع النقل لا تزال راسخة. |
لا أعلم هل كان مدير عام التربية والتعليم في منطقة الرياض يعي معنى تصريحه حول «التكدس غير المتوقع» للسكان في الرياض، الذي نتج عنه فتح بعض مدارس التعليم العام مرتين في اليوم، لتصبح الدراسة في الفترة الصباحية وأخرى في الفترة المسائية، لاستيعاب الكثافة الطلابية التي تعانيها بعض الأحياء في الرياض. هل يعرف ماذا يعني كلامه؟ ربما هو يمازحنا، أو لعله يمازح التنمية، ربما هو «يشاكس» تجار العقار، ومسؤولي وزارته العاجزون عن الإمساك بمرفق تعليمي معتمد في مخطط عقاري جديد. الدكتور إبراهيم المسند رد على سؤال صحافي عن تعذر قبول طلاب في مدارس ابتدائية في بعض أحياء الرياض بالإشارة إلى وجود مواقع تعاني مشكلات قبول الطلاب، بسبب تكدس السكان غير المتوقع، ومنها على سبيل المثال حي لبن حيث تحولت الفلل السكنية إلى فلل صغيرة «دبلوكسات»، وهو - كما نقلت عنه الزميلة «الاقتصادية» - لفت إلى اضطرار إدارته للاستفادة من المنشآت التعليمية في الفترة الصباحية وكذلك المسائية، حيث ستكون الدراسة صباحية وأخرى مسائية لاستيعاب الطلاب. |
لسنوات طويلة منذ مطلع القرن التاسع عشر، ظللنا ندرس العمارة الإسلامية كإرث حضاري ورثناه عن أجدادنا، وتخلينا عنه برغبتنا، لمسايرة الجديد في مجال العمارة، وظل الدارسون يُدخلون هذه المخلَّفات المادية للحضارة الإسلامية ضمن تراث طواه الزمن بحكم التقادم، فأصبح مزاراً سياحياً، أو جزءاً من تاريخ العمارة. ولكن، لصمود الكثير من المدن الإسلامية
ولاحتفاظها بحيويتها، ظلت صورة الحياة فيها مثالاً حياً نستطيع أن نتعايش معه
يوماً بيوم، بل تجعلنا هذه المدن نفهم أكثر فأكثر ماهية العمارة الإسلامية، وليس
أدل على ذلك من مدن مثل فاس وزبيد وصنعاء وحلب ورشيد وغيرها. إن الفجوة بين
مجتمعاتنا وفهم التراث العمراني والمعماري للمدن الإسلامية كبيرة، فالكل جرى وراء
الشكل المبهر لها من دون المضمون، والمعماريون لم يتعمقوا لفهم روح العمارة كي
يعيدوا إنتاجها في قالب يتناسب مع روح العصر، والأثريون تعاملوا معها من الناحية
الجمالية والوصفية من دون أن يستنطقوا الحجر ليدلهم على إبداع من تعاملوا معه. وكي
نخرج من هذا المعترك وهذا الطريق المسدود، وكي يكون لنا علم معماري مستقل
بتصميماته ومضامينه، فلا بد من أن نفهم العمارة الإسلامية كما فهمنا إسلامنا. |
تحتل سيناء ـ في الحرب والسلام ـ
صدارة الاهتمام الوطني, فقد وضعتها المصادفة الجغرافية في واجهة
الخطر, وقدر لهذا الموقع الفريد أن يلعب أدوارا متباينة فهو تارة جسر حضاري وممر بشري قطعته سلالات واعراق وحضارات وثقافات
وأديان, بعضها ذاب في مصر واستقر, وبعضها زال واندثر وهو تارة معبر للغزاة
والطامعين وبوابة علي الخطر, بعض هؤلاء الغزاة والطامعين دفنت أحلامهم
وأطماعهم معهم في رمال سيناء وسفوح جبالها الوعرة, وبعضهم انكسر غروره قبل
ان تطأ سنابك خيله شواطئ النيل.
وللتنمية في سيناء ثلاثة وجوه متكاملة, فهي من ناحية ضرورة إنسانية لقطاع
من السكان كابدوا لسنوات معاناة الاحتلال والمواجهة, فقد قوضت سنوات
الاحتلال جهود التنمية في سيناء, وصرفت الجهد الوطني نحو التحضير لتحريرها
واستعادتها, وليس من المنطق في شئ أن تتأخر التنمية في سيناء منذ تحريرها,
الي الدرجة التي تضع شريحة كبيرة من سكانها تحت خط الفقر, ويتراجع ترتيبها
بين المحافظات الأقل حظا طبقا لمعايير التنمية البشرية.
والتنمية ـ من ناحية ثانية ـ آلية اندماج وطني للبدو في سيناء ضمن نسيج
الوطن الأم, عبر حركة الدورة الاقتصادية القومية وهياكل الدولة الادارية
ومؤسساتها, والانصهار بخصوصياتهم الثقافية والاجتماعية في تيار الثقافة
الوطنية طبقا لقانون الوحدة في التنوع.
|
تعد
ظاهرة العشوائيات من أكثر القضايا المهمة نظرا لما لها من انعكاسات
اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد أمن واستقرار المجتمع, وأصبحت معالجتها
مطلبا ملحا يتطلب تضافر جميع الجهود للحد منها.فرغم أن تلك القضية ظلت خلال العقدين الأخيرين مكونا أساسيا في الخطط
التنموية للدولة وفي سياسات وبرامج الحكومات المتعاقبة, فإنها قد تفاقمت
حتي وصلت إلي حالتها الراهنة بكل ما تحمله من مخاطر علي استقرار المجتمع.
وتتباين التقديرات بشأن أعداد العشوائيات بين مصدر وآخر ويرجع هذا التفاوت
إلي عدم وجود طريقة سليمة للحصر, والاختلاف في تعريف الظاهرة, حيث لا يوجد
تعريف موحد متفق عليه بين جميع الجهات التي تعمل في مجال دعم وتطوير
العشوائيات. وتشير تقديرات التقرير السنوي لصندوق الأمم المتحدة للسكان
لعام2008 إلي أن أكثر من15.5 مليون نسمة يسكنون المناطق العشوائية, ويبلغ
عدد المناطق العشوائية نحو1221 منتشرة في24 محافظة, وتعد محافظة القاهرة من
أكثر المحافظات التي تنتشر بها العشوائيات إذ يوجد بها81 منطقة عشوائية
يقطنها حوالي8 ملايين فرد. وتتعدد الأسباب التي ساهمت في تكوين ونمو المناطق العشوائية, إلا أنه يمكن القول إن هناك عوامل خاصة بسياسات الدولة ذاتها تجاه قضية الإسكان بوجه عام, وتجاه إسكان محدودي الدخل, وسكان العشوائيات بصفة خاصة, وعوامل أخري نتاج مبادرات وحلول خاطئة من جانب الأفراد, لمواجهة مشكلة عدم توافر مسكن أو مأوي لهم. وتوضح القراءة السريعة لواقع الإسكان في مصر أنه قبل عام1952 لم تكن هناك أزمة في مجال الإسكان, حيث حققت سوق الإسكان نوعا من التوازن التلقائي بين العرض والطلب. وبقيام ثورة يوليو عام1952, ونتاجا لما اتخذته الثورة من إجراءات توفر عرضا كافيا من الإسكان للوفاء بالطلب عليه في تلك الفترة. كما سعت الدولة إلي توفير الإسكان الشعبي لمحدودي الدخل في ظل سياسات العدالة الاجتماعية, ومبادئ الثورة المساندة للفئات الأكثر احتياجا من الشعب المصري. وقد تزامن مع هذه السياسات ارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلي الحضر بحثا عن فرص عمل, مما أدي إلي ازدياد الطلب علي الإسكان. |
في الهند اليوم معضلة حقيقية تتمثل في الإنفجارات السكانية الناجمة ليس عن تزايد معدلات المواليد بسبب تحسن الظروف الصحية وتوفر الخدمات الطبية والعلاجية، وإنما أيضا بسبب تحسن الإقتصاد وإرتفاع معدلات النمو السنوية (ما بين 7- 9 بالمئة خلال السنوات العشر الماضية)، وهو ما شجع الكثيرين من سكان الأرياف والمناطق النائية للنزوح إلى المدن الكبيرة بحثا عن فرص العمل المجزية، وأملا في تحسين أوضاعهم المعيشية (خلال السنوات الخمسة عشرة الماضية منذ شروع الهند في إصلاحاتها الإقتصادية نزح نحو مائة مليون نسمة، أي أكثر من إجمالي عدد سكان ألمانيا، من القرى إلى المدن). وهكذا صارت كبريات المدن الهندية المعروفة، ولا سيما تلك التي برزت كقلاع تكنولوجية خلال السنوات القليلة الماضية، مكتظة عن بكرة أبيها إلى الدرجة التي صار معها البحث عن سكن لائق كالبحث عن إبرة صغيرة في كومة قش كبيرة. والملاحظ أن هجرة الأعداد الهائلة من سكان الأرياف إلى المدن لم تؤثر على القطاع الزراعي الهندي، بل صار هذا القطاع ينتج ستة أضعاف الناتج المفترض، محققا للبلاد نحو 6 تريليون دولار سنويا من تصدير الأرز والحبوب والبهارات والسكر والشاي والألبان والخضروات والفواكه. ولعل أكبر دليل على صحة ما نقول حول الإنفجارات السكانية في الهند وتداعياتها هو ما تعيشه مدينة مثل "شيناي" (مدراس سابقا) الحاضنة لأكثر من 8 ملايين نسمة، والتي تعتبر رابع أكبر مدن البلاد، وقاعدة من قواعد صناعة البرمجيات الهندية. وعلى الرغم من كل الجهود الحكومية للسيطرة على التضخم السكاني في هذه المدينة، فإن مظاهر مثل زيادة رقعة المساكن العشوائية، والإختناقات المرورية، والإنقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي، يشعر بها كل زائر أو مقيم. |
إلى أي مدى تعكس المخططات التنظيمية والعمرانية لمدننا الاحتياجات والأولويات الاجتماعية والثقافية لسكان المدينة؟ وإلى أي مدى يشارك الناس في التخطيط لمدينتهم وأحيائهم وإدارتها وتنظيمها؟ وهل تتفق مخططات الشوارع والأرصفة وتصميم البيوت والعمائر والمرافق مع حاجات الناس للسكن والراحة والخصوصية، وتطلعاتهم الجمالية والروحية؟ كيف يمكننا (وهذا ليس خيالاً علمياً ولكنه متاح ومتبع في كثير من مدن العالم، وكان سائداً ومتبعاً لدينا قبل التحديث) أن نحول المدن والأحياء إلى مجتمعات قائمة حول الأعمال والاحتياجات وأساليب الحياة، بحيث يستطيع الناس والأطفال أن يتحركوا في حيّهم ويذهبوا إلى مدرستهم ويجدوا مكتبات وحدائق وألعاباً وأندية وأسواقاً وحاجاتهم وسلعهم الأساسية بسهولة ومن دون حاجة إلى وسائل نقل، أو بوسائل سهلة وغير مكلفة؟ كان موضوع التنظيم الاجتماعي والثقافي لمدينة عمان يبدو متخصصاً ولا يصلح لندوة ثقافية عندما دعت الدائرة الثقافية في الجامعة الأردنية جمهوراً من المثقفين والأكاديميين والمهندسين للحوار حول هذه القضية، ويبدو لقطاع واسع من المشتغلين بالإصلاح والعمل العام والسياسي ليس إصلاحياً وبعيداً من الهموم والقضايا الملحّة للإصلاح المطروح اليوم في الأردن بكثافة، والواقع أنه مثال يصلح دليلاً ليس نادراً بالطبع على غياب البوصلة في تحديد مسار الإصلاح وأولوياته، بل والاختلاف الكبير في تحديد مفهومه ومتطلباته. والفجوة الكبيرة بين الفئات والطبقات والمجتمعات المتعددة في المطالب والأفكار والأولويات والاحتياجات، والأسوأ من ذلك كله الميل إلى الانطباع والسهولة وعدم بذل الجهد في فهم مسائل ملحّة وذات أولوية قصوى في الإصلاح وتحتاج في الوقت نفسه إلى قدر كبير من المعلومات والمعرفة والإحاطة، وهو ما يساعد خصوم الإصلاح على إجهاضه بسلسلة من التضليل والتشتيت والاستدراج، والبرامج والمشروعات المغرية ولكنها تديم منظومة الفساد والتخلف. |
المعمورة في اللغة هي صفة مشتقة من فعل عمّر فيقال بيت معمور ودارة معمورة وأرض معمورة أي بمعنى مسكونة ومأهولة. وتشير الخريطة الجغرافية إلى انتشار مناطق عدة تعرف باسم المعمورة في الدول العربية، فهناك المعمورة في المغرب والتي تعرف بأنها أجمل غابة في المغرب وذلك لما تحتويه من أشجار الصنوبر والبلوط الذي ينتج الفلين الطبيعي. وتساهم معمورة المغرب في دعم اقتصاد المغرب من الناحية السياحية والإنتاجية، وهناك كذلك المعمورة في الإسكندرية وهي إحدى مناطق حي المنتزه الذي يعتبر أحد الأحياء التاريخية القديمة في مدينة الإسكندرية، كذلك معمورة تونس وهي إحدى المدن الساحلية التونسية الجميلة، بالإضافة إلى المعمورة في صلالة في سلطنة عمان والتي تعتبر من المناطق الخلابة على مستوى المناظر الطبيعية. وبعيداً عن الخضرة والجمال والبلوط تقف معمورة أبوظبي شامخة لتعلن عن تجسيد روح الاقتصاد الجديد في أبوظبي. المعمورة هي عبارة عن بناية ضخمة تضم مجموعة من الوحدات المكتبية، تعمل كمقر لأبرز الشركات التي تقدم الاستشارة الفنية لاقتصاد أبوظبي الجديد، بالإضافة إلى مقر كذلك لمعظم أجهزة أبوظبي الحكومية والخاصة. |
تمتاز المدينة بخصائص عديدة تتجاوز بعدها
الجغرافي المقيّد بخطوط العرض والطول، فهي تحتضن مجموعة المنظومات
المجتمعية والفكرية والمادية على مر العصور، وفيها تتشكل ذاكرة الشعوب،
فتصبح عالقة بشغاف القلوب لمن ينتمي إليها، وتلامس معالمها وجدانياتنا
الفطرية والمكتسبة، حتى تغدو بعد تشكّل مداركنا هوية لوجودنا على هذا
الكوكب. ومن تكريمها، أشارت لها كتب السماء في مضامين رسالاتها، وأشعرت
ودوّنت وغنّت لها كتب الأرض بما يليق بها من صفات. لذا ينحو العالم لكل ماهو لافت للخيال والنظر لتأكيد خصوصية الهوية الحضارية للمدن، وهذا الأمر ليس بالجديد، فما وصلنا من آثار وعجائب دنيا متنوعة لدليل على أهمية الرمز في تخليد المدن والدول والأعمال، ناهيك عن التوظيفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذه المنجزات من خلال قنوات الجذب السياحي والإعلامي الذي تمارسه دول العالم سنويا"، فالتجوّل في مدينة شرقية أو غربية معاصرة، تجد فيها مايشبع الرغبات الحسية وغير الحسية، و يدفع بذاكرة السائح الذهنية والرقمية لتوثيق مايرى من مشاهدات، وهذا بحد ذاته كسب حضاري للمدن. ومنذ عقود مضت، بقيت مدننا خالية من ذلك التنوّع في الرموز الحضارية، فزيارة واحدة لمدينة عراقية قد تغني عن زيارات لما تبقّى من المدن، انه استنساخ عشوائي يبقي المدن معطلة حضاريا"، و يضعها في طريق أفولها المحتوم، فلا مبرر يجعلك تشد الرحال لها، إذ بقيت معزولة بأهلها المحليين دون تعامل فاعل مع ما حولها، و زادها انكسارا" عقود الحروب والأزمات، فخلت من وافديها الأجانب، فتعزز لونها الرمادي الأحادي. ومن مفارقات الأمور أن لمدننا ألف حكاية وحكاية بما سطّره قدماؤها من إبداعات فكرية ومادية طيلة قرون التاريخ وماقبله، مما جعل متاحف العالم تزخر بآثارها، ومن يتقصى البقاع سيجد لزقورات السومريين اثراً، ولاشنونا أطلالاً، ولبابل أزقتها القيرية، ولآشور ثيرانها المجنحة، ولسامراء مئذنتها، وللكوفة قصر إمارتها ، ولاربيل قلعتها... ، زيادة على آلاف اللقى والمجسمات الطينية والصخرية التي احتواها متحفنا المنكوب، فهل يصح استنساخ مدننا على حساب تنوع مواضيها العريقة ؟ وهل أن أخيلة أسلافنا أخصب ؟ وما يملكون من وسائل اكبر ؟ |