| الرئيسية » مقالات » مقالات منشورة محليا |
| في فئة المواد: 82 المواد الظاهرة: 11-20 |
صفحات: « 1 2 3 4 ... 8 9 » |
تصنيف بحسب: تاريخ · اسم · تصنيف · للتعليقات · للمشاهدين
|
ولأن الحلم على قدر الحالم، فالسعودي عندما كان يحلم ببيت، كان يراه أولاً داراً عامرة، لا شقة ضامرة، كان يبتسم وهو يشاهد الدراما العربية التي تعرض قتال الناس على ''كرفان''!، لكنه اليوم ــــ في رحم المعاناة، وهموم الإيجار ـــ راضٍ بكل شيء، قانعٌ بنصيبه، مؤمن بقدره، متأمل فرجاً قريباً. لقد كنت أحاول أن أسهم في طرح بعض الحلول لمشكلة الإسكان في المملكة، ولكن غياب المعلومة كان حاجزاً لي، فقمت بجهد شخصي متواضع يقيس مستوى دخل المواطن مع المؤهل العلمي، ووزعت استبانة من خلال القنوات الإلكترونية مثل مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وطرحت فيها أسئلة عدة، هي: |
انتفاخ المدن وتضخمها وتمددها الهائل ليست عنوان التحضر والتمدن كما يتوهم
البعض، إنما هي في حقيقة الأمر غياب لإدارة المدن بمعناها الشمولي كإدارة
مسؤولة عن رعاية مصالح سكان المدينة في نطاق جغرافي محدد. فالأصل أن الحجم
المثالي للمدينة يتحقق عندما تتساوى التكلفة الحدية مع المنفعة الحدية
للزيادة السكانية. فلا تكون المدينة صغيرة لا تقوى على الاستفادة من
المشاريع والخدمات العامة التي بطبيعتها تستلزم تقديمها عند حجم إنتاج
كبير، ولا بالكبيرة يتجاوز فيها استخدام المشاريع والبنى التحتية قدرتها
الاستيعابية لتتهالك بسرعة ويصعب صيانتها. والمدن أشبه بحافلات النقل
العام، فإذا لم يكن هناك عدد كاف من الركاب كانت أقل كفاءة، وإن كان عدد
الركاب أكثر من السعة الاستيعابية تضايقوا وتعطلت الحافلة. ولا شك أن المدن
السعودية الرئيسة بلغت حجما يفوق قدرتها على تقديم خدمات متميزة، بل حتى
الحد الأدنى الذي يلبي احتياجات السكان. فها هي الشوارع والطرقات تزدحم
بأرتال السيارات حتى لا تقوى على الحركة. ألا يكفي ذلك مؤشرا لترهل المدن
وعجزها عن مجاراة هذا الارتفاع الكبير في عدد السكان والتمدد المكاني ليصل
100 كيلو متر طولا وعرضا؟ إنه ضد المنطق أن تتركز المشاريع التنموية في مدن
بعينها لتجتذب سكان المناطق من حولها ومن ثم تغص بهم. هذا التجمع السكاني
يكون سوقا جذابة للشركات لبيع منتجاتها وفي الوقت ذاته وفرة العمالة وسهولة
الحصول عليها، وهكذا تتهافت الشركات على إنشاء مقارها ومصانعها في المدن
لتستمر عملية الجذب بعشوائية حتى تصل الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. ولو كان
الأمر يتوقف عند ارتفاع معدلات التلوث والازدحام المروري أو حتى الجريمة،
لكان الأمر مستوعبا نوعا ما، لكن الموضوع في حقيقة الأمر يمس الأمن الوطني
ويعرضه للخطر. فالكثافة العالية للمدن تعني الاحتكاك بين عدد كبير من الناس
في مكان ضيق وهو سيقود بطبيعة الحال نحو نشأة نمط استهلاك جديد وثقافة
جديدة ورؤى مشتركة فيما بينهم، وربما دفع بعضهم البعض في المطالبة بتحقيق
تلك التطلعات بأسلوب عدائي يصل حد الشغب. وإذا ما أضفنا حالة الفقر الحضري
التي تعانيها بعض أحياء المدن التي هي من إفراز هذا النمو الحضري السريع
فإن مستقبل المدن ينذر بسوء. والأدهى والأمر أن بعض المدن لا تملك مقومات
النمو الطبيعية وفي مقدمتها وفرة المياه لتكون عالة على مناطق أخرى وتظل هي
تنمو دون إدراك لمخاطر هذا النمو الذي ربما يقتلها يوما ما.
|
|
هذا المخزون المتكون عبر مئات السنين مهما كثر، طبيعته النضوب، لذلك تخطط المملكة لبناء اقتصاديات مساندة تعتمد على مصادر أخرى لتكون بديلاً للنفط في تعزيز إيراداتها، هذا التخطيط للأسف لم يقابل بفعل على المستوى المأمول بل ولا حتى جزء منه، فمنذ خطة التنمية الأولى في المملكة العربية السعودية والدعوة لتنويع مصادر الدخل قائمة، وإلى اليوم وبعد أربعين عاماً مازال مستوى الإيرادات غير النفطية متواضعاً لا يتجاوز 8% من إجمالي الإيرادات. نتيجة للوفورات الهائلة في الموازنة الحكومية تتكون الصناديق السيادية، التي تعد الأذرعة الاستثمارية للدول، وقد بلغت أصول الصناديق السيادية السعودية ما يقارب 586 مليار دولار وفقاً لتقرير «معهد الصناديق السيادية» الذي نشرته العربية نت في مارس 2012م، موزعة على (مؤسسة النقد) بنحو 532 مليار دولار والذي يركز على الاستثمارات الخارجية وغالب هذه الاستثمارات في ودائع بنكية وسندات حكومية، و(صندوق الاستثمارات العامة) بنحو 53 مليار دولار الذي يركز على الاستثمارات الداخلية. السؤال الذي يتساءل حوله المخلصون ما هو نصيب الأجيال القادمة من هذه الثروة المستنزفة؟ |
|
المتابعة مرحلة مهمة في مراحل التخطيط
والتنمية ومن خلالها يمكن الوقوف على فعالية التنفيذ ومدى تحقيق الأهداف
المرسومة ونقاط القوة والضعف ومدى مواجهة المتغيرات.
وفي الأسبوع الماضي نشر صحفياً خبر تشكيل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية لجنة برئاسته لمتابعة أداء الأجهزة الحكومية في المنطقة الشرقية من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين استنادا لما نص عليه نظام المناطق، الذي يقضي بمتابعة أداء الأجهزة الحكومية لأعمالها وقيام منسوبيها بواجباتهم الوظيفية على أكمل وجه والرفع لسموه بتقارير دورية عن ذلك. |
|
يقال ان أكثر الناس نجاحاً هم من يتجنبون القاء اللوم على الآخرين. في
رصد المشاريع المتأخرة أو التي لم تبدأ يتجه اللوم في العادة إلى وزارة
المالية.
طبعاً لا يمكن لأي مشروع أن يقوم بدون اعتمادات مالية. ولكن لماذا لا تأتي هذه الاعتمادات؟ هل هي غير متوفرة؟ أم هو ضعف في مهارة الاقناع؟ أم ضعف في التخطيط؟ أم عدم وضوح لمعالم المشروع وأهدافه وتفاصيله؟ هل يتم التواصل مع المالية بطريقة (خطابنا وخطابكم) أم عن طريق اللقاء المباشر؟ هناك مقولة مشهورة: «إذا لم تأت إليك السفينة، قم بالسباحة نحوها». فهل الجهاز الذي ينتظر الاعتمادات المالية قادر - في بحر المشاريع - على السباحة باتجاه وزارة المالية؟ ولنتذكر أن القدرة على السباحة تعني امتلاك الجهاز المستفيد للقدرات الإدارية والأساليب العلمية في تخطيط وإدارة المشاريع. إذا كانت تلك القدرات والأساليب متوفرة، والخطط واضحة ومعتمدة، فما الذي يجعل وزارة المالية تؤجل توفير الاعتمادات أو لا توافق عليها؟ هل من صلاحية وزارة المالية تحديد الأولويات التنموية؟ الإداري (القيادي) لن ينتظر سفينة الحلول - لن ينتظر التعليمات - سوف يتخذ القرارات ويبحث عن الحلول وفقاً لظروف الموقف، والخيارات المتاحة، وبالتأكيد الامكانات البشرية قبل المالية. لو أخذنا قضية النقل العام في المدن الكبرى مثل مدينة الرياض. هذا مشروع استراتيجي، وهو (حلم) لم يتحقق حتى الآن رغم وضوح الحاجة إليه بل إنه يمثل أهم الأولويات التنموية. |
من أكبر التحديات التي تواجه الدول هجرة مواطنيها من القرى إلى المدن
الرئيسة لذا جاءت معظم الحلول لهذه المشكلة بتخطيط وتوزيع المشاريع على
القرى والمدن الصغيرة وإنشاء المعاهد والمراكز والمصانع والمشاريع السياحية
بهدف تحفيز أهلها على البقاء والدراسة والعمل في مدنهم.
ان أحد أسباب تفاقم مشكلة الإسكان وارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات لدينا خلال العقدين الماضيين الهجرة من القرى والمحافظات إلى المدن الرئيسية في المملكة بسبب الدراسة أو البحث عن فرص العمل. تنمية القرى والمحافظات والعمل على إيجاد فرص العمل والتعليم يجبر أهلها على البقاء والاستقرار فيها، لقد عانينا من تركز الجامعات والمصانع والشركات والمشاريع الاستثمارية في المدن الرئيسة الثلاث حتى أصبحت الهجرة إليها هدف الجميع وخصوصا جيل الشباب عندما يصلون إلى مرحلة التعليم الجامعي او بعد التخرج بحثا عن فرصة عمل ومن هنا بدأت تكتظ المدن مما تسبب في اختلال التركيبة السكانية لمناطق المملكة. |
لعل من أهم معوقات النقل والمواصلات في كثير من الدول النامية والمملكة
واحدة منها، أن التخطيط العمراني للمدن لم يأخذ بعين الاعتبار أهمية أنظمة
النقل العام كأحد مفرداته الأساسية ذات الأولوية القصوى، وهذا يعزى إلى عدم
وضوح الرؤية وعدم وجود تخطيط استراتيجي للدور المهم الذي يحظى به نظام
النقل العام وانعكاساته على الحراك الإنساني والاقتصادي لسكان تلك المدن
عند إنشائها وتطورها ناهيك عن أن غيابه جعل تلك المدن تعاني من بعض المشاكل
التي يأتي في مقدمتها زيادة معدل تملك السيارات والتي أدت بدورها إلى
الزحام والاختناقات المرورية وعدم توفر المواقف الكافية وليس هذا فحسب بل
إن الاستعانة بالسائق الخاص وما يجلبه معه من سلبيات سببه غياب النقل العام
حيث اقتصر النقل العام في أغلب مدن المملكة وفي مقدمتها مدينة الرياض على
سيارات الأجرة وحافلات خط البلدة ما فرض على كل أسرة تقريباً ان تملك أكثر
من سيارة فهذه سيارة الأب وهذه سيارة الأسرة وعدد من السيارات بعدد الأولاد
المؤهلين عمرياً للقيادة إن لم يكن هناك تجاوز لذلك العدد ما ترتب عليه
بالاضافة إلى الزحام المروري ارتفاع معدل الحوادث لدينا مقارنة مع الدول
الأخرى التي تملك وسائل نقل عام مثل الحافلات (الباصات) والمترو والقطارات
تحت الأرض بالاضافة إلى سيارات الأجرة التي تجوب الشوارع وتنقل أكثر من
راكب في نفس الوقت بينما سيارة الأجرة لدينا تركّب راكبا واحدا أو مع أسرته
لكن لا تقوم سيارة الأجرة بنقل أكثر من راكب في نفس الوقت، حتى وإن كان في
نفس الاتجاه إلا في حالات استثنائية محدودة.إن المدن لدينا تنمو بمعدل يفوق بكثير معدل النمو العمراني في أغلب مدن العالم وهذا انعكاس للنمو السكاني وحركة البناء والتشييد وزيادة عدد المشاريع التي يُجلب لها أعداد متزايدة من العمالة الأجنبية المؤهلة والعادية. وإذا أخذنا مدينة الرياض كمثال على حاجتها إلى وسائل النقل العام نجد ان الرياض ذات مساحة شاسعة تصل إلى (٥٠X٥٠) كلم ما يعني انها بحاجة ماسة لوسائل نقل داخلي على درجة من الكفاءة والانتظام لأن ذلك سوف يسهل حراك سكان تلك العاصمة المزدهرة الذين وصل عددهم حتى الآن إلى ما يربو على (٥) ملايين نسمة.. وحسب وتيرة النمو الذي تشهده المدينة يمكن ان يصل إلى عشرة ملايين خلال عقدين من الزمن. |
اعتماد المخططات العمرانية يتم وفقا
لدراسات هندسية عميقة تنظر الى المستقبل واتجاهات تمدد النطاقات العمرانية
في المدن وقابليتها للنمو من واقع المعطيات التنموية والسكانية
والاقتصادية.وهناك كثير من مدن المملكة التي تتوفر لديها عوامل نمو قياسية ،
وبالنسبة للمنطقة الشرقية فإن مدن الدمام والخبر والجبيل على وجه التحديد
قابلة لمراحل نمو كبيرة في المستقبل لما تمتلكه من ميزات كبيرة بوصفها
مناطق صناعية وتنموية بإمتياز قادرة على استيعاب مزيد من الهجرات إليها
سواء سكانية أو استثمارية وهي لا تزال واعدة لأن تشهد مزيدا من عمليات
النمو. |
|
ولكن الحقيقة خلاف ذلك، فالأرقام المجردة لا تكذب في ذاتها، ولكنها تخدع في سياقها، فزيادة عدد نوع من الخدمات العامة أو المباني الخدمية ليس دليلاً كافياً على الإنجاز؛ لأن الإنجاز الحقيقي يجب أن يربط بنسبة توافر تلك الخدمة لعدد المستخدمين المستفيدين منها في الفترة السابقة، ونسبة توافرها لعدد مماثل أو أقل من المستفيدين حتى تصبح تلك الأرقام دليلاً على الإنجاز. وسأمثل على ذلك بمثال: لو كان عندنا مدينة عدد سكانها قبل 20 عاماً (500 ألف نسمة) وفيها خمسة مستشفيات تحوي ما يقارب (1500 سرير)، وقد زاد عدد سكان المدينة ليصبح (أربعة ملايين نسمة) خلال 20 عاماً، وازداد عدد المستشفيات ليصبح 15 مستشفى تحوي ما يقارب (ستة آلاف سرير)، فهل زيادة عدد المستشفيات من خمسة إلى 15 دليل على الإنجاز، خصوصاً أن 15 تمثل ثلاثة أضعاف عدد المستشفيات قبل 20 عاماً في المدينة نفسها؟ إن الإجابة عن السؤال السابق تكون بلا؛ لأن تلك الأرقام ليست دليلاً على الإنجاز، وإنما دليل على التدهور في الخدمات الصحية في المدينة، فقبل 20 عاماً كان هناك (30 سريراً) لكل (عشرة آلاف نسمة من سكان المدينة)، واليوم أصبح هناك (15 سريراً) فقط لكل (عشرة آلاف نسمة)، إذاً هناك تراجع كبير في الخدمات الصحية يصل إلى النصف. وقسْ على هذا المثال لمعرفة مدى التطور أو التدهور في الخدمات وتوافرها، بعيداً عن سحر الأرقام المجردة وخداعها. |
|
من المحزن جداً أن ترى مساحات كبيرة من الأراضي غير المطورة داخل النطاق
العمراني للمدن وقد كتب عليها الأرض مملوكة لفلان من الناس وقد تركت دون
تطوير ليتضخم سعرها ويصل لسعر فلكي مهول، بينما العشرات والمئات يسعون
ليلاً ونهاراً طمعاً في امتلاك شقة سكنية أو فلة لاتزيد مساحتها عن
ثلاثمائة أو أربعمائة متر مربع.
ويبدو أن هذا المشهد المتكرر في المدن لاسيما الرئيسية منها كالرياض سيبقى مستمراً طالما أن التوجه لدى الجهات البلدية والتنظيمية اتجه صوب عدم سن رسوم سنوية أو فرض زكاة للمُّعد من تلك الأراضي غير المطورة للتجارة، ولطالما الأمر كذلك فإن الجهات البلدية في المدن وعلى رأسها وزارة الشئون البلدية والقروية يجب أن تحارب مسألة غلاء أسعار الأراضي الخاصة في المخططات السكنية من خلال مراجعة أنظمة اعتماد المخططات السكنية حيث ان الطريقة التقليدية المعمول بها حالياً لتطوير المخططات السكنية في المدن ليست إلا عملية تقسيمات أراض يقتطع منها نسبة معينة للخدمات العامة ففي الرياض مثلاً تتراوح مابين33% إلى40% من إجمالي الأرض المراد تخطيطها، ومن ثم يتم تداولها وبيعها ولعل من أبرز عيوب هذه العملية تضخم أسعار الأراضي والمخططات السكنية حيث يقتصر دور مالك الأرض على تطوير الأراضي وأجزاء من البنية التحتية فقط دون تطوير الوحدات السكنية والمرافق الحيوية مما يساعد في عملية المضاربة العقارية والمبالغة في الأسعار، حيث انه من الأجدى إلزام ملاك الأراضي بتطوير المخططات السكنية بشكل كامل أو 50% منها ببناء وحدات سكنية متنوعة المساحات وتوفير بنية أساسية وتحتية متكاملة من أرصفة وتشجير وممرات مشاة ومن ثم وتقييم سعر الأرض السكنية قبل الشروع في عملية البيع والتداول، كي تساهم بذلك الجهات البلدية في القضاء على جشع المضاربين في أسعار الأراضي السكنية. |
عنوان شهيرٌ، أشهر من نار على علم، وحلمٌ جميل في الوقت نفسه، يندرج
تحته مستقبل آمن، وطموحات بلا حد، وسقف هائل من الأمنيات والذكريات، وهو
بعد ذلك كله الشغل الشاغل، والهم الماثل، والخير الهائل لو تحقق، لذلك تجده
حاضراً في هموم الملك حفظه الله، وطموحاً في إعزاز أبنائه ورفعتهم
ورفاهيتهم.
انتفاخ المدن وتضخمها وتمددها الهائل ليست عنوان التحضر والتمدن كما يتوهم
البعض، إنما هي في حقيقة الأمر غياب لإدارة المدن بمعناها الشمولي كإدارة
مسؤولة عن رعاية مصالح سكان المدينة في نطاق جغرافي محدد. فالأصل أن الحجم
المثالي للمدينة يتحقق عندما تتساوى التكلفة الحدية مع المنفعة الحدية
للزيادة السكانية. فلا تكون المدينة صغيرة لا تقوى على الاستفادة من
المشاريع والخدمات العامة التي بطبيعتها تستلزم تقديمها عند حجم إنتاج
كبير، ولا بالكبيرة يتجاوز فيها استخدام المشاريع والبنى التحتية قدرتها
الاستيعابية لتتهالك بسرعة ويصعب صيانتها. والمدن أشبه بحافلات النقل
العام، فإذا لم يكن هناك عدد كاف من الركاب كانت أقل كفاءة، وإن كان عدد
الركاب أكثر من السعة الاستيعابية تضايقوا وتعطلت الحافلة. ولا شك أن المدن
السعودية الرئيسة بلغت حجما يفوق قدرتها على تقديم خدمات متميزة، بل حتى
الحد الأدنى الذي يلبي احتياجات السكان. فها هي الشوارع والطرقات تزدحم
بأرتال السيارات حتى لا تقوى على الحركة. ألا يكفي ذلك مؤشرا لترهل المدن
وعجزها عن مجاراة هذا الارتفاع الكبير في عدد السكان والتمدد المكاني ليصل
100 كيلو متر طولا وعرضا؟ إنه ضد المنطق أن تتركز المشاريع التنموية في مدن
بعينها لتجتذب سكان المناطق من حولها ومن ثم تغص بهم. هذا التجمع السكاني
يكون سوقا جذابة للشركات لبيع منتجاتها وفي الوقت ذاته وفرة العمالة وسهولة
الحصول عليها، وهكذا تتهافت الشركات على إنشاء مقارها ومصانعها في المدن
لتستمر عملية الجذب بعشوائية حتى تصل الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. ولو كان
الأمر يتوقف عند ارتفاع معدلات التلوث والازدحام المروري أو حتى الجريمة،
لكان الأمر مستوعبا نوعا ما، لكن الموضوع في حقيقة الأمر يمس الأمن الوطني
ويعرضه للخطر. فالكثافة العالية للمدن تعني الاحتكاك بين عدد كبير من الناس
في مكان ضيق وهو سيقود بطبيعة الحال نحو نشأة نمط استهلاك جديد وثقافة
جديدة ورؤى مشتركة فيما بينهم، وربما دفع بعضهم البعض في المطالبة بتحقيق
تلك التطلعات بأسلوب عدائي يصل حد الشغب. وإذا ما أضفنا حالة الفقر الحضري
التي تعانيها بعض أحياء المدن التي هي من إفراز هذا النمو الحضري السريع
فإن مستقبل المدن ينذر بسوء. والأدهى والأمر أن بعض المدن لا تملك مقومات
النمو الطبيعية وفي مقدمتها وفرة المياه لتكون عالة على مناطق أخرى وتظل هي
تنمو دون إدراك لمخاطر هذا النمو الذي ربما يقتلها يوما ما.
من أكبر التحديات التي تواجه الدول هجرة مواطنيها من القرى إلى المدن
الرئيسة لذا جاءت معظم الحلول لهذه المشكلة بتخطيط وتوزيع المشاريع على
القرى والمدن الصغيرة وإنشاء المعاهد والمراكز والمصانع والمشاريع السياحية
بهدف تحفيز أهلها على البقاء والدراسة والعمل في مدنهم.
لعل من أهم معوقات النقل والمواصلات في كثير من الدول النامية والمملكة
واحدة منها، أن التخطيط العمراني للمدن لم يأخذ بعين الاعتبار أهمية أنظمة
النقل العام كأحد مفرداته الأساسية ذات الأولوية القصوى، وهذا يعزى إلى عدم
وضوح الرؤية وعدم وجود تخطيط استراتيجي للدور المهم الذي يحظى به نظام
النقل العام وانعكاساته على الحراك الإنساني والاقتصادي لسكان تلك المدن
عند إنشائها وتطورها ناهيك عن أن غيابه جعل تلك المدن تعاني من بعض المشاكل
التي يأتي في مقدمتها زيادة معدل تملك السيارات والتي أدت بدورها إلى
الزحام والاختناقات المرورية وعدم توفر المواقف الكافية وليس هذا فحسب بل
إن الاستعانة بالسائق الخاص وما يجلبه معه من سلبيات سببه غياب النقل العام
حيث اقتصر النقل العام في أغلب مدن المملكة وفي مقدمتها مدينة الرياض على
سيارات الأجرة وحافلات خط البلدة ما فرض على كل أسرة تقريباً ان تملك أكثر
من سيارة فهذه سيارة الأب وهذه سيارة الأسرة وعدد من السيارات بعدد الأولاد
المؤهلين عمرياً للقيادة إن لم يكن هناك تجاوز لذلك العدد ما ترتب عليه
بالاضافة إلى الزحام المروري ارتفاع معدل الحوادث لدينا مقارنة مع الدول
الأخرى التي تملك وسائل نقل عام مثل الحافلات (الباصات) والمترو والقطارات
تحت الأرض بالاضافة إلى سيارات الأجرة التي تجوب الشوارع وتنقل أكثر من
راكب في نفس الوقت بينما سيارة الأجرة لدينا تركّب راكبا واحدا أو مع أسرته
لكن لا تقوم سيارة الأجرة بنقل أكثر من راكب في نفس الوقت، حتى وإن كان في
نفس الاتجاه إلا في حالات استثنائية محدودة.
اعتماد المخططات العمرانية يتم وفقا
لدراسات هندسية عميقة تنظر الى المستقبل واتجاهات تمدد النطاقات العمرانية
في المدن وقابليتها للنمو من واقع المعطيات التنموية والسكانية
والاقتصادية.
يطرب الجميع ويسعد بسماع أرقام الإنجازات ونسبها المئوية، خصوصاً إذا
قيل إنه كان لدينا قبل كذا سنة عدد من الفصول الدراسية أو المستشفيات أو
غيرها من عناصر الخدمات ومبانيها العامة، وقد ازدادت لدينا ليصبح عددها
الآن أكبر بنسبة مئوية معينة. إن مثل هذا الطرح في وسائل الإعلام يعد
طُعماً يسهل بلعه من قبل كثيرين على أنه حقائق دامغة للإنجاز الذي تم أو
تحقق، خصوصاً أنه كما يقال: ''الأرقام لا تكذب''.